للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّالث: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكحنَّ ثيِّبًا من السَّبايا حتَّى تحيض» (١).

فعلَّق الحِلَّ في ذلك كلِّه بالحيض وحده لا بالطُّهر، فلا يجوز إلغاء ما اعتبره واعتبارُ ما ألغاه، ولا تعويلَ على ما خالف نصَّه، وهو مقتضى القياس المحض، فإنَّ الواجب هو الاستبراء، والَّذي يدلُّ على البراءة هو الحيض، فأمَّا الطُّهر فلا دلالة فيه على البراءة، فلا يجوز أن يُعَوَّل (٢) في الاستبراء على ما لا دلالةَ له فيه عليه دون ما يدلُّ عليه.

وبناؤهم هذا على أنَّ الأقراء هي الأطهار بناءٌ للخلاف على الخلاف، وليس بحجَّة ولا شبهةٍ. ثمَّ لم يُمكِنهم بناءُ هذا على ذاك حتَّى خالفوه، فجعلوا الطُّهر الذي طلَّقها فيه قرءًا، ولم يجعلوا طهر المستبرأة الَّتي تجدَّد عليها المِلكُ فيه أو مات سيِّدها فيه قرءًا، وحتَّى خالفوا الحديثَ أيضًا كما تبيَّن، وحتَّى خالفوا المعنى كما بيَّنَّاه، فلم يمكنهم هذا البناء إلا بعد هذه الأنواع الثَّلاثة من المخالفة.

وعامة (٣) ما قالوا: أنَّ بعض الحيضة المقترن بالطُّهر يدلُّ على البراءة، فيقال لهم: فيكون الاعتماد حينئذٍ على بعض الحيضة، وليس ذلك قرءًا عند أحدٍ.

فإن قالوا: هو اعتمادٌ على بعض حيضةٍ وطهرٍ.


(١) تقدم تخريج هذا اللفظ (ص ٣٧٣).
(٢) د، م، ح: «يقول»، تحريف.
(٣) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «وغاية».