للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فإن قيل: فهل يدخل في تحريم بيعها تحريمُ بيع عظمها وقرنها وجلدها بعد الدِّباغ، لشمول اسم الميتة لذلك؟

قيل: الذي يحرم بيعُه منها هو الذي يحرم أكلُه واستعماله، كما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إنَّ الله إذا حَرَّم شيئًا حَرَّم ثمنَه» (١). وفي اللَّفظ الآخر: «إذا حرَّم أكلَ شيءٍ حرَّم ثمنَه» (٢). فنبَّه على أنَّ الذي يحرم بيعُه يحرم أكلُه.

وأمَّا الجلد إذا دُبِغ فقد صار عينًا طاهرةً، يُنتفَع بها (٣) في اللُّبس والفرش وسائر وجوه الاستعمال، فلا يمتنع جواز بيعه. وقد نصَّ الشَّافعيُّ في كتابه القديم على أنَّه لا يجوز بيعه (٤)، واختلف أصحابه، فقال القفّال: لا يتَّجه هذا إلا بتقدير قولٍ يوافق مالكًا في أنَّه يطهر ظاهره دون باطنه، وقال بعضهم: لا يجوز بيعُه وإن طهر ظاهره وباطنه على قوله الجديد؛ فإنَّه جزءٌ من الميتة حقيقةً، فلا يجوز بيعه كعظمها ولحمها.

وقال بعضهم: بل يجوز بيعه بعد الدَّبغ؛ لأنَّه عينٌ طاهرةٌ مُنتفَعٌ بها، فجاز


(١) هو حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقد تقدم تخريجه (ص ٤٢٠)، وهذا لفظ ابن حبان (٤٩٣٨) والدارقطني (٣/ ٣٨٨).
(٢) هو حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المتقدم، وهذا لفظ أحمد (٢٦٧٨) والطبراني في «الكبير» (١٢/ ٢٠٠).
(٣) «بها» ساقطة من المطبوع.
(٤) انظر: «نهاية المطلب» (١/ ٢٩) و «روضة الطالبين» (١/ ٤٢).