للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلها سنَّةً يقتدى به فيها. وأما إذا قُدِّر أنه فَعَلها للحاجة لم يدل ذلك على كونها سنَّةً من سنن الصلاة. فهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة (١).

وكان إذا نهض افتتح القراءة، ولم يسكت كما كان يسكت عند افتتاح الصلاة، فاختلف الفقهاء: هل هذا موضع استعاذة أو لا، بعد اتفاقهم أنه ليس موضع استفتاح. وفي ذلك قولان، هما روايتان عن أحمد، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة، فيكفي فيها استعاذة واحدة، أو قراءة كلِّ ركعة مستقلة بنفسها؟ ولا نزاع بينهم أن الاستفتاح لمجموع الصلاة. والاكتفاءُ باستعاذة واحدة أظهر، للحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة ولم يسكت (٢)، وكما يكفي افتتاح واحد، ولأنه لم يتخلَّل القراءتين سكوت، بل تخلَّلهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخلَّلها حمدٌ لله (٣) أو تسبيح أو تهليل أو صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحو ذلك.

ثم كان يصلِّي الثانية كالأولى سواءً، إلا في أربعة أشياء: السكوت، والاستفتاح، وتكبيرة الإحرام، وتطويلها كالأولى؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستفتح، ولا يسكت، ولا يكبِّر للإحرام فيها، ويقصِّرها عن الأولى، فتكون الأولى أطول منها في كلِّ صلاة، كما تقدَّم.

فإذا جلس للتشهُّد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع يده


(١) وانظر: «كتاب الصلاة» للمصنف (ص ٤٢٩ - ٤٣٠).
(٢) أخرجه مسلم (٥٩٩).
(٣) ق: «حمد الله».