للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والترمذي (١) وغيرهما ــ فأبو جعفر الرازي قد ضعَّفه أحمد وغيره. وقال ابن المديني: كان يخلط. وقال أبو زرعة: كان يهِم كثيرًا. وقال ابن حبَّان: كان ينفرد (٢) بالمناكير عن المشاهير.

وقال لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدَّس الله روحه: وهذا الإسناد نفسه هو إسناد حديث {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ١٧٢]: حديث أُبَيِّ بن كعب الطويل (٣)، وفيه: «وكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أُخِذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم، فأُرسل ذلك الروح إلى مريم حين انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًّا، فأرسله الله في صورة بشر، فتمثَّل لها بشرًا سويًّا». قال: «فحملتِ الذي يخاطبها، فدخَل مِن فيها». وهذا غلطٌ محضٌ، وإنما الذي أُرسِل إليها الملَكُ الذي قال لها: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (٤) [مريم: ١٩]. ولم يكن الذي خاطبها بهذا هو عيسى، هذا محالٌ (٥).


(١) لم أجده عند الترمذي، وهو عند أحمد (١٢٦٥٧) من طريق عبد الرزاق (٤٩٦٤) عن أبي جعفر به. وأخرجه أيضًا الدارقطني (١٦٩٢ - ١٦٩٤) والبيهقي (٢/ ٢٠١) من طرق عن أبي جعفر به. ومدار الحديث عليه وفيه لين كما سيبين المؤلف. وانظر لأقوال الأئمة الآتية: «تهذيب الكمال» (٣٣/ ١٩٤ - ١٩٦) و «تهذيب التهذيب» (١٢/ ٥٧).
(٢) ص، ج: «يتفرد».
(٣) أخرجه الحاكم (٢/ ٣٢٣، ٣٢٤ و ٣٧٣) والبيهقي في «القضاء والقدر» (٦٦) والضياء المقدسي في «المختارة» (٣/ ٣٦٣ - ٣٦٦). وقال ابن كثير في «تفسيره» (مريم: ١٧): «وهذا في غاية الغرابة والنكارة وكأنه إسرائيلي».
(٤) في ك، ع: «ليهب» على قراءة أبي عمرو ونافع في رواية ورش، وفي غيرهما كما أثبت على قراءة عاصم وغيره من السبعة. انظر: «الإقناع» لابن الباذش (٢/ ٦٩٦).
(٥) تكلَّم المؤلف على حديث أبيٍّ هذا في كتابه «الروح» (٢/ ٤٧٣ - ٤٧٤)، ونقل الأقوال في توثيق أبي جعفر الرازي وتضعيفه، ولكن لم يشر إلى شيخه. وانظر: «أحكام أهل الذمة» (٢/ ١٠٥٩).