للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قنَت بعد الركوع. وأيوب عن محمد قال: سألتُ أنسًا. وحنظلة السَّدوسي عن أنس= أربعة وجوه. وأما عاصم فقال: قلت له، فقال: كذبوا، إنما قنَت بعد الركوع شهرًا. قيل له: من ذكره عن عاصم؟ قال: أبو معاوية وغيره. قيل لأبي عبد الله: وسائر الأحاديث أليس إنما هي بعد الركوع؟ فقال: بلى، كلُّها خُفَافُ بن إيماء بن رَحَضة وأبو هريرة. قلت لأبي عبد الله: فلِمَ ترخِّص إذن في القنوت قبل الركوع، وإنما صحَّ الحديث بعد الركوع؟ فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع. وفي الوتر يختار بعد الركوع، ومن قنَت قبل الركوع فلا بأس، لفعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلافهم. فأما في الفجر فبعد الركوع (١).

فيقال: من العجب تعليلُ هذا الحديث الصحيح المتَّفَق على صحَّته، ورواتُه أئمّة ثقات أثبات حفَّاظ، والاحتجاجُ بمثل أبي جعفر الرازي، وقيس بن الربيع، وعمر (٢) بن أيوب، وعمرو (٣) بن عبيد، ودينار، وجابر الجعفي (٤)! وقلَّ من تحمَّل (٥) مذهبًا، وانتصر له في كلِّ شيء إلا اضطُرَّ إلى هذا المسلك.


(١) من أول الرواية إلى قوله: «أربعة وجوه» أوردها ابن رجب في «فتح الباري» (٩/ ١٩٤). ونقل ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (٢/ ٤٥١ - ٤٥٢) من قوله: «وسائر الأحاديث» إلى آخر الرواية أيضًا.
(٢) في النسخ المطبوعة: «عمرو»، وهو خطأ.
(٣) في النسخ الخطية: «عمر» والصواب ما أثبتنا.
(٤) يردّ المؤلف هنا على الخطيب البغدادي الذي احتج في كتاب «القنوت» له بأحاديث المذكورين، وقد ذكرها ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» وشنَّع على الخطيب (٢/ ٤٤٢).
(٥) هكذا في مب. وفي ص، ج: «يحمل»، وأهمل النقط في غيرها.