للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)} [الفرقان: ٦٢]، قال ابن عباس والحسن وقتادة (١): عوضًا وخلفًا يقوم أحدهما مقام صاحبه، فمن فاته عملٌ في أحدهما قضاه في الآخر. قال قتادة: فأدُّوا (٢) الله من أعمالكم خيرًا في هذا الليل والنهار، فإنهما مطيتان، يُقحِمان (٣) الناس إلى آجالهم، ويقرِّبان كلَّ بعيد، ويُبليان كلَّ جديد، ويجيئان بكلِّ موعود إلى يوم القيامة. وقال شقيق: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: فاتتني الصلاة الليلة. فقال: أَدرِك ما فاتك من ليلتك في نهارك، فإن الله عز وجل جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر (٤).

قالوا: وفعلُ الصحابة على هذا يدل، فإن ابن عباس كان يصلِّيها يومًا، ويدعها عشرةً. وكان ابن عمر لا يصلِّيها، فإذا أتى مسجدَ قباء صلَّاها، وكان يأتيه كلَّ سبت. وقال سفيان عن منصور: كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوبة، ويصلُّون ويدَعُون (٥).


(١) الأقوال الآتية في تفسير الآية نقلها المؤلف من «تفسير الثعلبي» (٧/ ١٤٤). وهي مخرجة عند عبد الرزاق في «تفسيره» (٢/ ٤٥٧، ٣/ ٥٠) والطبري (١٧/ ٤٨٥)، إلا قول قتادة هذا فلم أجده، وأما قوله الثاني فأخرجه عبد بن حميد كما في «الدر المنثور» (١١/ ٢٠٢).
(٢) كذا في جميع النسخ، وفي معظمها ضبط بتشديد الدال، فإن صحَّ كان نصبُ لفظ الجلالة بعده بنزع الخافض. وكذا في الطبعة الهندية، وأثبت في الطبعة الميمنية وما بعدها: « ... لله» لإصلاح العبارة. وفي مصدر النقل و «الدر المنثور» (١١/ ٢٠٢): «فأرُوا».
(٣) كذا بتذكير الضمير في النسخ وبعض نسخ المصادر، يعني الليل والنهار. ويجوز أن يكون التذكير على المعنى، فإن المطية هي المركب.
(٤) في ك، ع، مب، ن بزيادة «أو أراد شكورًا». ولم ترد هذه الزيادة في مصدر النقل.
(٥) تقدَّم تخريج هذه الآثار.