للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ومن هذا أيضًا الحديث الصحيح عن أنس أنَّ رجلًا من الأنصار كان ضخمًا، قال (١) للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي لا أستطيع أن أصلي معك، فصنع للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا، ودعاه إلى بيته، ونضَح له طرَفَ حصيرٍ بماء، فصلَّى عليه ركعتين. قال أنس: ما رأيته صلَّى الضُّحى غير ذلك اليوم. رواه البخاري (٢).

ومن تأمَّل الأحاديث المرفوعة وآثار الصحابة وجدها لا تدل إلا على هذا القول. وأما أحاديث الترغيب فيها والوصية بها، فالصحيح منها كحديث أبي هريرة وأبي ذر لا يدل على أنها سنَّة راتبة لكلِّ أحد. وإنما أوصى أبا هريرة بذلك، لأنه قد روي أن أبا هريرة كان يختار درس الحديث بالليل على الصلاة (٣)، فأمَره بالضحى بدلًا من قيام الليل. ولهذا أمره أن لا ينام حتى يوتر، ولم يأمر بذلك أبا بكر وعمر وسائر الصحابة.

وعامَّةُ أحاديث الباب في أسانيدها مقال. وبعضُها منقطع، وبعضها موضوع لا يحِلُّ الاحتجاج به كحديثٍ يروى عن أنس مرفوعًا: «من داوم على صلاة الضحى ولم يقطعها إلا من علَّةٍ كنتُ أنا وهو في زَورقٍ من نور في بحر من نور» (٤)، وضعه زكريا بن دويد (٥) الكندي عن حميد. وحديثِ (٦)


(١) مب: «فقال».
(٢) برقم (٦٧٠).
(٣) لم أجده.
(٤) أخرجه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ٤٧٢)، وزكريا بن دويد كذاب، انظر: «المجروحين» لابن حبان (١/ ٣١٤، ٣١٥) و «ميزان الاعتدال» (٢/ ٧٢).
(٥) ما عدا ج: «دريد»، وهو تحريف.
(٦) معطوف على «حديثٍ».