للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما عوِّضت عن الاستقسام بالأزلام بالاستخارة التي هي محض التوحيد والتوكل، وعن السِّفاح بالنكاح، وعن القمار بالمراهنة في النِّضال وسباق الخيل، وعن السَّماع الشيطاني بالسَّماع الرحماني القرآني. ونظائره كثيرة جدًّا.

قالوا: والمحرَّم لا بد أن يشتمل على مفسدة راجحة أو خالصة، وقراءةُ التطريب والألحان لا تتضمَّن شيئًا من ذلك، فإنَّها لا تُخرج الكلام عن وضعه، ولا تحول بين السامع وبين فهمه. ولو كانت متضمِّنةً لزيادة الحروف كما ظنَّ المانع منها لأخرجت الكلمةَ عن موضوعها (١)، وحالت بين السامع وبين فهمها ولم يدر ما معناها، والواقع بخلاف ذلك.

قالوا: وهذا التطريب والتلحين أمر راجع إلى كيفية الأداء، وتارةً يكون سليقةً وطبيعةً، وتارةً يكون تكلُّفًا وتعمُّلًا. وكيفياتُ الأداء لا تُخْرج الكلام عن موضوع (٢) مفرداته، بل هي صفاتٌ لصوت المؤدِّي له (٣)، جاريةٌ مجرى ترقيقه وتفخيمه وإمالته، وجاريةٌ مجرى مدود القراء (٤) الطويلة والمتوسطة؛ لكن تلك الكيفيات متعلِّقة بالحروف، وكيفياتُ الألحان والتطريب متعلِّقة بالأصوات. والآثار في هذه الكيفيات لا يمكن نقلها، بخلاف كيفيات أداء


(١) في النسخ المطبوعة: «موضعها».
(٢) في النسخ المطبوعة: «وضع»، وهو إصلاح في الطبعة الميمنية لما كان في الهندية: «موضع».
(٣) م: «كصوت المودِّي»، تصحيف.
(٤) ص، ج: «ممدود القراءة». أما لفظ «ممدود» فلعله سبق قلم. وأما المضاف إليه فيحتمل أن يكون: «القَرَأة» مثل القُرَّاء في النسخ الأخرى، ولكن فوقه في ج مدَّة، فهو فيها مصدر لا محالة.