للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ابن عبَّاسٍ لا يصومه، ويحتجُّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصوموا حتَّى تروا الهلال، ولا تُفطِروا حتَّى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدَّة ثلاثين». وذكر مالك في «موطَّئه» (١) هذا عنه بعد أن ذكر حديث ابن عمر، كأنَّه جعله مفسِّرًا لحديث ابن عمر وقوله: «فاقدروا له».

وكان ابن عبَّاسٍ يقول: عجبتُ ممَّن يتقدَّم الشَّهر بيوم أو يومين، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدَّموا رمضان بيومٍ ولا يومين» (٢). كأنَّه ينكر على ابن عمر.

وكذلك كان هذان الصَّاحبان الإمامان، أحدهما يميل إلى التَّشديد والآخر يميل إلى التَّرخيص، وذلك في غير مسألةٍ. وعبد الله بن عمر كان يأخذ من التَّشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصَّحابة، فكان يغسل داخلَ عينيه في الوضوء حتَّى عَمِي من ذلك (٣)، وكان إذا مسح رأسه أفرد أذنيه بماءٍ جديدٍ (٤)، وكان يمتنع من دخول الحمَّام (٥)، وكان إذا دخله اغتسل منه (٦)،


(١) برقم (٧٨٣).
(٢) الوارد ليس بهذا اللفظ، وقد تقدم تخريجه في قول ابن عباس.
(٣) ذكره ابن قدامة في «المغني» (١/ ١٥١). والثابتُ في الروايات أنَّ ابن عمر كان ينضح الماء في عينيه في غسل الجنابة، كما في «موطأ مالك» (١١١) و «مصنف عبد الرزاق» (٩٩٠) و «مصنف ابن أبي شيبة» (١٠٧٥). وزاد عبد الرزاق: قال ــ لعله نافع ــ: «ولم يكن عبد الله بن عمر ينضح في عينيه الماء إلا في غسل الجنابة، فأما الوضوء للصلاة فلا».
(٤) رواه مالك (٧٣).
(٥) رواه ابن أبي شيبة (١١٧١).
(٦) رواه عبد الرزاق (١١٤١).