للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ صوم عاشوراء لم يدخل (١) في هذا المكتوب الذي كتبه الله علينا، قطعًا لتوهُّم من يتوهَّم أنَّه داخلٌ فيما كتبه علينا، فلا تناقضَ بين هذا وبين الأمر السَّابق بصيامه الذي صار منسوخًا بهذا الصِّيام المكتوب.

يُوضِّح هذا أنَّ معاوية إنَّما سمع هذا منه بعد فتح مكَّة، واستقرار فرض رمضان، ونَسْخ وجوب عاشوراء به. والَّذين شهدوا أمره بصيامه والنِّداء بذلك وبالإمساك لمن أكل، شهدوا ذلك قبل فرض رمضان عند مقدَمِه المدينةَ، وفرضُ رمضان كان في السَّنة الثَّانية من الهجرة، فتوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صام تسع رمضاناتٍ، فمن شهد الأمر بصيامه شهده قبل نزول فرض رمضان، ومن شهد الإخبار عن عدم فرضه شهده في آخر الأمر بعد فرض رمضان. وإن لم يُسلَك هذا المسلك تناقضت أحاديث الباب واضطربت.

فإن قيل: فكيف يكون فرضًا ولم يحصل تبييت النية من اللَّيل، وقد قال: «لا صيامَ لمن لم يُبيِّتِ الصِّيام من اللَّيل» (٢).

فالجواب: أنَّ هذا الحديث قد اختُلِف فيه: هل هو من كلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو من قول حفصة وعائشة؟ فأمَّا حديث حفصة: فأوقفه عليها معمر،


(١) ق، مب: «لم يكن داخلًا».
(٢) رواه النسائي في «المجتبى» (٢٣٣٤) و «الكبرى» (٢٦٥٥) والبيهقي (٤/ ٢٠٢) من حديث حفصة مرفوعًا بهذا اللفظ. وبنحوه روى أحمد (٢٦٤٥٧) وأبو داود (٢٤٥٤) والترمذي (٧٣٠) والنسائي في «المجتبى» (٢٣٣٣) و «الكبرى» (٢٦٥٤) وابن خزيمة (١٩٣٣). واختُلف في رفعه ووقفه، انظر: «العلل الكبير» (٢٠٢) و «علل الدارقطني» (٣٩٣٩) و «سننه» (٢٢١٦) و «تنقيح التحقيق» (٣/ ١٧٧) و «التلخيص» (٢/ ١٨٨) و «الإرواء» (٤/ ٢٥).