بالعمرة ثمَّ أهلَّ بالحجِّ. فهذا سالمٌ يخبر بخلاف ما أخبر بكرٌ، ولا يصحُّ تأويل هذا عنه (١) بأنَّه أمر به، فإنَّه فسَّره بقوله:«وبدأ فأهلَّ بالعمرة ثمَّ أهلَّ بالحجِّ».
وكذلك الذين رووا الإفراد عن عائشة هما: عروة والقاسم، وروى القِران عنها عروة ومجاهد، وأبو الأسود يروي عن عروة الإفراد، والزُّهريُّ يروي عنه القران. فإن قدَّرنا تساقُطَ الرِّوايتين سلِمتْ رواية مجاهد، وإن حُمِلتْ رواية الإفراد على أنَّه أفرد أعمال الحجِّ تصادقت الرِّوايات وصدَّق بعضها بعضًا.
ولا ريبَ أنَّ قول عائشة وابن عمر:«أفردَ الحجَّ»، محتملٌ لثلاثة معانٍ:
أحدها: الإهلال به مفردًا.
الثَّاني: إفراد أعماله.
الثَّالث: أنَّه حجَّ حجَّةً واحدةً لم يحجَّ معها غيرها، بخلاف العمرة فإنَّها كانت أربع مرَّاتٍ.
وأمَّا قولهما:«تمتَّع بالعمرة إلى الحجِّ، وبدأ فأهلَّ بالعمرة، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ»، وحكيا فعله، فهذا صريحٌ لا يحتمل غير معنًى واحدٍ، فلا يجوز ردُّه بالمجمل. وليس في رواية الأسود وعَمرة عن عائشة أنَّه أهلَّ بالحجِّ ما يناقض روايةَ مجاهد وعروة عنها أنَّه قرنَ، فإنَّ القارن حاجٌّ مُهِلٌّ بالحجِّ قطعًا، وعمرته جزءٌ من حجّه، فمن أخبر عنه أنَّه مهلٌّ بالحجِّ فهو عين