للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتذهب ظلمة الأكوان بتجلي نور المكون، اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «١» . وبرزوا من سجن الأكوان لشهود الواحد القهار.

وقال الورتجبي: يريد أن أرض الظاهر وسماء الظاهر تبدل من هذه الأوصاف، وظلمة الخليقة، إلا أنها منورة بنور جلال الحق عليها، وأنها صارت مَشْرق عيان الحق للخلق حين بدا سطوات عزته، بوصف الجبارية والقهارية بقوله: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها «٢» وهناك يا أخي يدخل الوجود تحت أذيال العدم من استيلاء قهر أنوار القدم، قال: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «٣» . قيل: فأين الأشياء إذ ذاك؟ قال: عادت إلى مصادرها. وقال: متى كانوا شيئاً حتى صاروا لا شيء؟! لأنهم أقل من الهباء في الهواء في جنب الحق. هـ.

وترى المجرمين، وهم الغافلون، مقرنين في قيود الأوهام، والشكوك، مسجونين في محيطات الأكوان، سرابيلهم ظلمة الغفلة، تغشى وجوههم نارُ القطيعة، لا تظهر عليها بهجة المحبين، ولا أسرار العارفين. فعل ذلك بهم ليظهر فضيلة المجتهدين. هذا بلاغ للناس، ولينذروا به وبال الغفلة والحجاب، وليتحقق أولوا الألباب أن الوجود إنما هو للواحد القهار. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.


(١) من الآية ٣٥ من سورة النور.
(٢) من الآية ٦٩ من سورة الزمر.
(٣) من الآية ٨٨ من سورة القصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>