للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال:

علَى نَفْسِه فَليبْكِ مَن ضاعَ عُمْرُه ... وليسَ لهُ مِنْها نَصِيبٌ ولا سَهْمُ

وقلت في عينيتي:

وَلِي لَوْعَةٌ بالرَّاحِ إِذْ فِيه رَاحِتِي ... وَرَوْحِي ورَيْحَانِي، وخيرٌ واسِعُ

سَكرْنَا فهِمْنَا في بَهاءِ جَمَالِه ... فَغِبْنا عَن الإحساسِ، والنُورُ ساطعُ

والميسر في طريق الإشارة: هو الغني الذي يحصل بهذه الخمرة، وهو الغني بالله عن كل ما سواه، (قل فيهما إثم كبير) أي: في تعاطيهما حرج كبير، ومنافع للناس بعد تعاطيهما، فيهما إثم كبير عند طالب الأجور، ومنافع للناس لمن طلب الحضور ورفع الستور. وأنشدوا:

لَوْ كَان لي مسعد بالراح يُسعِدُني ... لمَا انتظرتُ لشُربِ الراحِ إفطارا

فالراحُ شيءٌ شَريفٌ أنتَ شَاربُه، ... فاشْرَب، ولو حَمَّلَتْكَ الراحُ أوْزارا

يا مَنْ يلومُ على صَهْبَاءَ «١» صافيةٍ ... خُذ الجِنَانَ، ودَعْنِي أَسكنُ النَارا

وقال ابن الفارض:

وقالُوا: شَرِبْتَ الإثَم! كلاّ، وإنما ... شرِبْتُ التي في ترْكِها عنديَ الإثْمُ

وقال آخر «٢» :

طابَ شُرْبُ المُدامِ في الخَلَواتْ ... اسْقِني يا نديمُ بالآنِيَاتْ

خْمْرَةٌ تركُها علينا حرَامٌ، ... ليسَ فيها إثمٌ ولا شُبُهَاتْ

عُتِّقَتْ في الدَّنان مِنْ قَبْلِ آدمْ ... أصلُها طيّبٌ من الطَّيِّبَاتْ

أَفْتِ لي أيُّهَأ الفقيهُ وقلْ لي: ... هل يجوزُ شُرْبُها على عَرَفاتْ؟

فيهما إثم كبير عند أهل الحجاب، ونفع كبير عند ذوي الألباب، يعني: في الخمرة الأزلية والغنى بالله. وقوله تعالى: (وإثمهما أكبر من نفعهما) : خطاب على قدر ما يفهم الناس لأن إثمهما ظاهر للعوام، وهو ما يظهر على


(١) الصهباء: الخمر.
(٢) وهو الششترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>