أصل في وجوب متابعة الرسول، ولزوم طريقته وسنته، على ما في العلم تفصيله. والواجبُ على العبد عَرْضُ ما وقع له من الخواطر، ويُكاشَفُ به من الأحوالِ، على العلم، فما لم يقبله الكتاب والسنّة فهو ضلال. هـ.
قلت:" للفقراء " يتعلق بمحذوف، أي: يعطي، أو: اعْجَبوا، على أنه استئناف، وقيل: بدل من " ذي القربى ". و " وتبوؤوا الدارَ والإيمان " أي: وأَلِفوا الإيمان، ولا يصح العطف؛ لئلا يلزم أنّ الإيمان متبوأ، وإنما يُتبوأ المنزل؛ إذ التبوء: التهيؤ، يقال: بوأت له منزلاً، أي: هيأته له، وفي إعراب الحوفي في سورة آل عمران: يقال تبوأ فلان الدار إذا لزمها. هـ. فعلى هذا يصح العطف، ولا يحتاج إلى تقدير عاملٍ آخر. قال ابن هشام: ولا يجوز كون الإيمان مفعولاً معه؛ لعدم الفائدة في تقييد الأنصار المعطوفين على المهاجرين بمصاحبة الإيمان، إذ هو أمر معلوم. هـ. وانظر ابن جزي، فإنه هو الوجه المستحسن عنده في توجيه الآية، والمعنى: أنهم جمعوا بين الحالتين قبل المهاجرين؛ لأن المهاجرين إنما سبقوهم بالإيمان، لا بنزول الدار، قال: فيكون الإيمان على هذا مفعولاً معه، وأصله لابن عطية، وبهذا الاقتراح يصح معنى قوله:{مِن قبلهم} فتأمله. انظر الحاشية.
يقول الحق جلّ جلاله:{للفقراءِ} أي: يعطى الفيء للفقراء {المهاجرين الذين أُخرجوا مِن دِيَارِهِم وأموالِهم} حيث اضطرهم كفارُ مكة إلى الخروج من مكة، وكانوا مائة رجل. وفيه دليل على أنَّ الكفار يملكون ما استولوا عليه من أموال المسلمين؛ لأنّ الله تعالى سمّاهم فقراء، مع أنهم كانت لهم ديار وأموال بمكة، فخرجوا {يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} أي: طالبين منه تعالى رزقاً في الدنيا، ورضا في الآخرة، أو: يطلبون الجنة ورضوان الله أو: زيادة في الإيمان والرضوان، {وينصرون اللهَ ورسولَه} أي: ناوين نصرة دين الله وإعانة رسوله، {أولئك} الموصوفون بما فصّل من الصفات الحميدة {هُم الصادقون} ؛ الراسخون في الصدق، حيث ظهر ذلك عليهم؛ بما فعلوا من مفارقة الأوطان والأهل والولدان.