قلت: الضمير في (ذريته) لإبراهيم عليه السلام لأن الحديث عليه، أو لنوح عليه السلام لذكر لوط، وليس من ذرية إبراهيم، لكنه ابن أخيه فكأنه ابنه، و (داود) : عطف على (نوح) أي: وهدينا من ذريته داود، و (من آبائهم: في موضع نصب، عطف على (نوح) أي: وهدينا بعض آبائهم، والهاء في (اقتده) : للسكت، فتحذف في الوصل، ومن أثَبتها راعَى فيها خط المصحف، وكأنه وصلَ بنية الوقف.
يقول الحق جلّ جلاله: وَوَهَبْنا لإبراهيم إِسْحاقَ ابنه، وَيَعْقُوبَ حفيده، كُلًّا منهما هَدَيْنا وَنُوحاً قد هديناه مِنْ قَبْلُ إبراهيم، وعدَّه نعمة على إبراهيم من حيث إنه أبوه، وشَرفُ الوالد يتعدَّى إلى الولَد، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ أي: إبراهيم، داوُدَ بن أيشا، وَسُلَيْمانَ، وَأَيُّوبَ بن قوص بن رَازَح بن عيصُو بن إسحاق وَيُوسُفَ بن يعقوب بن إسحاق، وَمُوسى وَهارُونَ ابنا عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب. وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أي: نجزي المحسنين جزاء مثل ما جازينا إبراهيم برفع درجاته وكثرة أولاده، وجعل النبوة فيهم.
وَزَكَرِيَّا بن آذنِ بن بَركيَا، من ذرية سليمان، وَيَحْيى بن زكريا، وَعِيسى بن مريم بنت عمران، وفيه دليل على أنَّ الذرية تتناول أولاد البنت، وَإِلْياسَ بن نسى بن فنحاص بن إلعَازر بن هارون.
وقيل: هو إدريس جَد نوح، وفيه بُعد. كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ الكاملين في الصلاح، وهو الإتيان بما ينبغي والتحرز مما لا ينبغي.
وَإِسْماعِيلَ بن إبراهيم، قد هدينا أيضًا، وهو أكبر ولد إبراهيم، وهو ابن هاجر، وَالْيَسَعَ بن أخطوب بن العجوز، وقرىء:«والليسع» بالتعريف، كَأن أصله: ليسع، و «أل» فيه: زائدة، لا تفيد التعريف لأنه علَم، وَيُونُسَ بن متى، اسم أبيه، وهو من ذرية إبراهيم، خلافًا للبيضاوي. قال القرطبي: لم يبعث الله نبياً من بعد إبراهيم إلا من صُلبه. هـ. ويونس مثلث النون كيوسف، يعني بتثليث السين. وَلُوطاً هو ابن هاران أخى إبراهيم، فهو ابن أخيه، وقيل: ابن أخته، فقد يُطلق على العم أب مجازًا، وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ أي: عالَمِي زمانِهم بالنبوة والرسالة. فكل واحد فِضِّل على أهل زمانه.