للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقطعت السماء من بهاء مُحمدٍ المحمود، وامتلأت الأرض من حمده، لأنه ظهر بخلاص أمته. هـ. ونص ما في الإنجيل: أن المسيح قال للحواريين: إني ذاهب عنكم، وسيأتيكم الفارقَليط، الذي لا يتكلم من قِبل نفسه، إنما يقول كما يقال له. هـ. والفارقليط بالعبرانية: اسم محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقيل معناه: الشافع المشفع.

وعن شَهر بن حَوشبٍ- في قصة إسلام كعب الأحبار، وهو من اليمن من حمير-: أن كعبًا أخبره بأمره، وكيف كان ذلك، وكان أبوه من مؤمني أهل التوراة برسول الله صلى الله عليه وسلّم، قبل ظهوره، قال كعب: وكان أبي من أعلم الناس بالتوراة وكُتب الأنبياء، ولم يكن يدخر عني شيئًا مما كان يعلم، فلما حضرته الوفاة دعاني فقال: يا بني، قد علمتَ أني لم أكن أدخر عنك شيئًا مما كنتُ أعلم، إلا أني حَبَستُ عنك ورقتين فيهما ذكر نبي يُبعث، وقد أطل زمانه، فكرهت أن أخبرك بذلك، فلا آمن عليك بعد وفاتي أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتتبعه، وقد قطعتهما من كتابي، وجعلتهما في هذه الكوة التي ترى، وطينت عليهما، فلا تتعرض لهما حتى يخرج هذا النبي، فإذا خرج فاتبعه وانظر فيهما، فإن الله تعالى يزيدك بهذا خيرًا، فلما مات والدي لم يكن شيء أحب إلي من أن ينقضي المأتم حتى أنظر ما في الورقتين، فإذا فيهما: «محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، خاتم النبيين لا نبي بعده، مولده بمكة، ومهاجره طيبة، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يجزي بالسيئة الحسنة، ويعفو ويغفر ويصفح، أمته الحمَّادون، الذين يحمدون الله على كل شرف وعلى كل حال، وتُذلل ألسنتهم بالتكبير، وينصر الله نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم بالماء، ويتأزرون على أوساطهم، وأنَاجِيلُهُم في صدورهم، ويأكلون قربانهم في بطونهم، ويؤجرون عليها، وتراحمهم بينهم تراحم بني الأم والأب، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم، وهم السابقون المقربون، والشافعون المشفع فيهم» . «١» . ثم أسلم على يد عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

قال الحق جلّ جلاله في بقية أوصاف نبينا- عليه الصلاة السلام-: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ مما حرم على اليهود كالشحوم وغيرها، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ كالدم ولحم الخنزير وسائر الخبائث، أو كالربا والرشوة وغيرهما من المحرمات. قال ابن جزي: مذهب مالك أن الطيبات هي الحلال، وأن الخبائث هي الحرام. ومذهب الشافعي: أن الطيبات هي المستلذات، إلا ما حرمه الشرع منها، كالخمر والخنزير، وأن الخبائث هي المستقذرات كالخنافس والعقارب. هـ.

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ أي: الثقل الذي عليهم، وهو مثال لما كُلفوا به- أي: بنو إسرائيل- في شرعهم من المشقات كقتل الأنفس في التوبة، وقطع موضع النجاسة من الثوب، وتعيين القصاص فى العمد والخطأ. «٢»


(١) أخرجه بنحوه مختصرا الدارمي فى (المقدمة- باب صفة النبي صلى الله عليه وسلّم) والبغوي فى تفسيره، (٣/ ٢٨٩) وابن سعد فى الطبقات ١/ ٣٦٠.
(٢) من هنا يبدأ سقط كبير فى المخطوطة الأصلية سيستمر حوالي عشرين صفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>