حزبها العلني (الاتحاد والترقي) على تتريك العناصر في الدولة. فقتلت جمهرة من حملة الفكرة العربية وطلائع يقظتها الحديثة، وشرّدت كثيرين، ونمت في بلاد الشام والعراق والحجاز روح النقمة على الترك والدعوة إلى الانفصال عنهم. وانتهز البريطانيون الفرصة، وهم في حرب مع دولة آل عثمان والألمان، فاتصلوا بصاحب الترجمة، وكاتبوه من مصر، وكان على غير وفاق مع موظفي (الدولة) في الحجاز، يبيّتون له ويبيّت لهم، فنهض نهضته المعروفة، وأطلق رصاصته الأولى بمكة (في ٩ شعبان ١٣٣٤ - ١٩١٦ م) وحاصر من كان في البلاد الحجازية من عساكر الترك. وأمده الإنكليز بالمال والسلاح، ونعت بالملك (المنقذ) ووجه ابنه فيصلا إلى سورية فدخلها مع الجيش البريطاني، فاتحا. وبانتهاء الحرب العامة (سنة ١٩١٨ م) تم استيلاء الحسين على الحجاز كله. وأرسل ابنه الثاني (عبد الله) بجيش ضخم لإخضاع واحتي (تَرَبَة) و (الخُرْمة) في شرقيّ الطائف، وكانتا مواليتين لابن سعود (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، زعيم نجد في ذلك الحين) فعسكر بينهما. وباغته رجالهما يقودهم بعض أتباع ابن سعود (سنة ١٣٣٧ هـ ١٩١٩ م) فانهزم عبد الله بفلول قليلة من عساكره. وأضاع الحسين في هذه الحملة أكبر قوة جمعها. وأخرج الفرنسيون ابنه فيصلا من سورية بعد معركة ميسلون
(سنة ١٩٢٠ م) واحتلوها، فاستنجد بعض زعمائها بالحسين، فوجه (عبد الله) ليثأر لأخيه، أو ليجمع على حدود سورية قوة تكون نواة لجيش يقلق المحتلّ. واقترب منها عبد الله، ونزل ببلدة (عمّان) ودعاه الإنكليز إلى القدس، فاتفقوا معه على أن تكون له إمارة (شرقي الأردن) فأقام بعمان، وتناسى ما جاء من أجله. واستفحلت ثورة العراق على الإنجليز، فساعدوا فيصلا على تولي العرش ببغداد، فتولاه. وأصبح للحسين، وهو