في هذه السنة. فدخل المدينة، وزار محمد بن إبراهيم في بيته، وبالغ في تحريضه على الخروج، وأخبره أن في الكوفة " سيوفا حدادا وسواعد شدادا " تنتظر قدومه. فواعده " محمد " على اللقاء بالجزيرة. وقصد الكوفة. فدخلها وكتم خبره. وبايعه فيها نحو ١٢٠ رجلاً، وتوجه إلى " الجزيرة " فتلقاه " نصر " بجماعته، وقد اختلفوا فيما بينهم، وفترت عزيمة نصر، ورحل محمد يريد العودة إلى المدينة، فلقي في طريقه " أبا السَّرَايا " السَّريّ بن منصور (انظر ترجمته) وهو ثائر على بني العباس، فبايعه السري، وقوي به امره، فعاد إلى الكوفة، ووافاه السريّ، فدخلاها، وبايعه أهلها (في جمادى الأولى سنة ١٩٩) ولكنه لم يلبث أن مرض بخاصرته، فأوصى بالأمر من بعده إلى علي بن عبيد الله بن الحسين، ومات. ودفن بالكوفة. ومدة خروجه قرابة شهرين. وكان من أكمل أهل زمانه، ومن أشجعهم. وقيل: كان موته بالسم، وله من العمر ٢٦ سنة (١) .
ابن زِيَاد
(٠٠٠ - ٢٤٥ هـ = ٠٠٠ - ٨٥٩ م)
محمد بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد ابن أبيه: أول من ملك اليمن من بني زياد. كان من الأمراء في عصر المأمون العباسي. وقربه المأمون، ووثق به. واختل في أيام المأمون أمر اليمن، فوجهه واليا عليها سنة ٢٠٣ هـ وبعث معه جيشا، فأخضع تهامة وانتزعها من أيدي
(١) المصابيح - خ. ومقاتل الطالبين ٥١٨ - ٥٣٢ وابن خلدون ٣: ٢٤٢ والبداية والنهاية ١٠: ٢٤٤ والطبري ١٠: ٢٢٧ وتاريخ اليمن للواسعي ١٨ وفي بلوغ المرام ٣١ " الإمام محمد بن إبراهيم: عارض المأمون، وعضده أبو السرايا، وضايق العباسيين مضايقة شديدة على جسر بغداد، وقتل من عسكرهم مئتي ألف في عدة وقائع، وتوفاه الله تعالى " قلت: يمكن أن يقال هذا عن أبي السرايا، أما محمد بن إبراهيم، فتوفي قبل أن يستفحل أمره. وإتحاف المسترشدين ٤٠.