للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنصور العباسي، ثائرا بالمدينة، ثار معه عيسى، فكان على مينته. وجمع محمد وجوه أصحابه فأوصى إن أصيب أن يكون الأمر لأخيه إبراهيم، فان أصيب إبراهيم فالأمر لعيسى بن زيد.

وشهد المعارك معهما إلى أن قتل الأول فالثاني (سنة ١٤٥ هـ واجتمع عليه رجالهما فلم يجد فيهم ما ينهض بالأمر، فتركهم، وتوارى. قيل له: إن في ديوانك عشرة آلاف رجل، ألا تخرج؟ فقال: لو أن فيهم ثلاثمئة يثبتون عند اللقاء لخرجت قبل الصباح. ولم يجدّ المنصور في طلبه، فعاش بقية حياته متواريا، يتنقل أحيانا في زي الجمّالين ويقيم أكثر الأيام بالكوفة، في منزل علي بن صالح ابن حيّ (أخي الحسن بن صالح وقد تقدمت ترجمته) وزوّجه عليّ ابنته، لعلمه وحسن سمته، قبل أن يعرف حقيقته. ولما ولي المهدي (العباسي) طلبه فلم يقدر عليه، فنادى بأمانه إن ظهر. فبلغه خبر الأمان ولم يظهر.

واستمر إلى أن توفي قبل وفاة الحسن ابن صالح بشهرين أو بستة أشهر (١) .

ابن القَطَّاع

(٠٠٠ - ٣٩٧ هـ = ٠٠٠ - ١٠٠٦ م)

عيسى بن سعيد، المعروف بابن القطاع.


(١) مقاتل الطالبيين ٤٠٥ طبعة الحلبي، وانظر فهرسته. وفي " المصابيح - خ " ل أبي العباس الحسني، من علماء الزيدية، ما خلاصته: كان الإمَام عيسى بن زيد مع النفس الزكية يوم قتل في ثورته على بني العباس، بالمدينة، وجرح، ثم كان مع الحسين بن علي، صاحب فخ، وقتل الحسين بمكة، ونجا عيسى فتوارى في سواد الكوفة، ثم بايعته الشيعة سرا بالإمامة سنة ١٥٦ هـ وهو في العراق، وجاءته بيعة الأهواز وواسط ومكة والمدينة وتهامة، وطلبه أبو الدوانيق - المنصور العباسي - وحبس بسببه كثيرين، ولم يظفر به، وانبث دعاته فبلغوا مصر والشام، ومات أبو الدوانيق، فهم عيسى بالخروج إلى خراسان، فوافى الري ثم انصرف إلى الأهواز، فكان أكثر مقامه بها، واتفق مع أصحابه على موعد للخروج، وقد أعد الأسلحة والخيل، فمات مسموما بسواد الكوفة مما يلي البصرة، سنة ١٦٦ وعمره ٤٥ سنة، وكان أعلم أهل زمانه وأورعهم،
وأسخاهم وأشجعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>