لحبّ جده له. وكان عاقلا داهية مصلحا طموحا، انصرف إلى تسكين القلاقل، وصفا له الملك.
وظهر له ضعف المقتدر العباسي في العراق، فجمع الناس وخطب فيهم، ذاكرا حق بني أمية بالخلافة، وأنهم أسبق إليها من بني العباس. فبايعوه بها (سنة ٣١٦ هـ وتلقب (الناصر لدين الله) فجرى ذلك فيمن بعده. وكان أسلافه يسمون بني الخلائف، ويخطب لهم بالإمارة فقط.
قال ابن شِقْدة:(عبد الرحمن الناصر أعظم أمراء بني أمية في الأندلس، كان كبير القدر، كثير المحاسن، محبا للعمران، مولعا بالفتح وتخليد الآثار. أنشأ مدينة الزهراء. وبنى بها قصر الزهراء المتناهي في الجلالة) . قال ابن الأبار في وصفه:(أعظم بني أمية في المغرب سلطانا، وأفخمهم في القديم والحديث شانا، وأطولهم في الخلافة بل أطول ملوك الإسلام قبله، مدة وزمانا) .
حكم خمسين سنة وستة أشهر. وكان حريصا على الملك، يقظا، صارما، اتصل به أن ابنا له (اسمه عبد الله) سمت نفسه إلى طلب الخلافة وتابعه قوم، فقبض عليهم جميعا وسجنهم إلى أن كان يوم عيد الأضحى (سنة ٣٣٩ هـ فأحضرهم بين يديه، وأمر ابنه أن يضطجع له فاضطجع، فذبحه بيده، والتفت إلى خواصه فقال: هذا ضحيتي في هذا العيد، وليذبح كل منكم أضحيته، فاقتسموا أصحاب عبد الله، فذبحوهم عن آخرهم. وكان يكتب في دفتر أيام السرور التي كانت تصفو له من غير تكدير، فلم تتجاوز أربعة عشر يوما (١) .
(١) المنتخب لابن شقدة - خ. والحلة السيراء ٩٩ وطبقات السبكي ٢: ٢٣٠ ونفح الطيب ١: ١٦٦ وابن خلدون ٤: ١٣٧ وابن الأثير ٨: ١٧٧ وغزوات العرب ١٦٧ - ١٨٢ وأخبار مجموعة ١٥٣ وفيه: (ولي الخلافة والفتنة قد طبقت آفاق الأندلس، فاستقبل الملك بسعد لم يقابل به أحدا ممن خالفه أو خرج عليه إلا غلبه، فافتتح الأندلس مدينة مدينة) وأزهار الرياض ٢: ٢٥٧ - ٢٨٤ وتراجم إسلامية ١٤٢ والمغرب في حلى المغرب ١: ١٧٦ - ١٨١.