للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مات أبوه وهو صغير) فتربى في بيت الخلافة. ولما انقرض ملك الأمويين في الشام، وتعقب العباسيون رجالهم بالفتك والأسر، أفلت عبد الرحمن، وأقام في قرية على الفرات. فتتبعته الخيل، فأوى إلى بعض الأدغال حتى أمن، فقصد المغرب، فبلغ إفريقية. فلجّ عاملها (عبد الرحمن ابن حبيب الفهري) بطلبه، فانصرف إلى مكناسة وقد لحق به مولاه (بدر) بنفقة وجواهر كان قد طلبها من أخت له تدعى (أم الإصبع) ثم تحول إلى منازل نفزاوة وهم جيل من البربر، أمه منهم.

فأقام مدة يكاتب من في الأندلس من الأمويين. وبعث إليهم بدرا مولاه، فأجابوه، وسيروا له مركبا فيه جماعة من كبرائهم، فأبلغوه طاعتهم له، وعادوا به إلى الأندلس فأرسي بهم مركبهم (سنة ١٣٨ هـ في المنكب (Almunecar) وانتقلوا إلى إشبيلية، ومنها إلى قرطبة، فقاتلهم والي الأندلس (يوسف بن عبد الرحمن الفهري) فظفر عبد الرحمن الأموي، ودخل قرطبة واستقر.

وبني فيها القصر وعدة مساجد. وجعل الخطبة للمنصور العباسي، فاطمأن إليه أهل الأندلس.

لما انتظم له الأمر، ووثق بقوته، قطع خطبة العباسيين وأعلن إمارته استقلالا. والمنصور العباسي أول من لقبه بصقر قريش. ولقب بالداخل لأنه أول من دخل الأندلس من ملوك الأمويين.

وكان (كما وصفه ابن الأثير) حازما، سريع النهضة في طلب الخارجين عليه، لا يخلد إلى راحة، ولا يكل الأمور إلى غيره، ولا ينفرد برأيه، شجاعا، مقداما، شديد الحذر، سخيا، لسنا، شاعرا، عالما، يقاس بالمنصور في حزمه وشدته وضبطه الملك. وبني الرصافة بقرطبة تشبها بجده هشام باني رصافة الشام. وتوفي بقرطبة ودفن في قصرها. ولعلي أدهم كتاب (صقر قريش - ط) في سيرته (١) .


(١) البيان المغرب ٢: ٤٩ والكامل لابن الأثير ٥: ١٨٢ ثم ٦: ٣٧ ونفح الطيب ١: ١٥٥ ثم ٢: ٧٠١ والاستقصا ١: ٥٣ و ٥٤ وأخبار مجموعة ٤٦ والحلة

<<  <  ج: ص:  >  >>