العباس، وأول من عني بالعلوم ملوك العرب. كان عارفا بالفقه والأدب، مقدما في الفلسفة والفلك، محبا للعلماء. ولد في الحميمة من أرض الشراة (قرب معان) وولي الخلافة بعد وفاة أخيه السفاح سنة ١٣٦ هـ وهو باني مدينة " بغداد " أمر بتخطيطها سنة ١٤٥ وجعلها دار ملكه بدلا من " الهاشمية " التي بناها السفاح. ومن آثاره مدينة " المصيصة " و " الرافقة " بالرقة، وزيادة في المسجد الحرام. وفي أيامه شرع العرب يطلبون علوم اليونانيين والفرس، وعمل أول أسطرلاب في الإسلام، صنعه محمد بن إبراهيم الفزاري. وكان بعيدا عن اللهو والعبث، كثير الجد والتفكير، وله تواقيع غاية في البلاغة. وهو والد الخلفاء العباسيين جميعا. وكان أفحلهم شجاعة وحزما إلّا أنه قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه. توفي ببئر ميمون (من أرض مكة) محرما بالحج.
ودفن في الحجون (بمكة) ومدة خلافته ٢٢ عاما. يؤخذ عليه قتله ل أبي مسلم الخراساني (سنة ١٣٧ هـ ومعذرته أنه لها ولي الخلافة دعاه إليه، فامتنع في خراسان، فألح في طلبه، فجاءه، فخاف شره، فقتله في المدائن. وكان المنصور أسمر نحيفا طويل القامة خفيف العارضين معرّق الوجه رحب اللحية يخضب بالسواد، عريض الجبهة " كأن عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الملوك بزيّ النساك " أمه بربرية تدعى سلامة. وكان نقش خاتمه " الله ثقة عبد الله وبه يؤمن " ومما كتب في سيرته " أخبار المنصور " لعمر بن شبة النميري (١)
(١) ابن الأثير ٥: ١٧٢ ثم ٦: ٦ والطبري ٩: ٢٩٢ - ٣٢٢ والبدء والتاريخ ٦: ٩٠ واليعقوبي ٣: ١٠٠ وتاريخ الخميس ٢: ٣٢٤ و ٣٢٩ وفيه: " كان في صغره يلقب بمدرك التراب، وبالطويل، ثم لقب في خلافته ب أبي الدوانيق، لمحاسبته العمال والصناع على الدوانيق، وكان مع هذا يعطي العطاء العظيم ". والنبراس لابن دحية ٢٤ - ٣٠ وفيه: " قتل من لا يحصى من قريش ومضر وربيعة واليمن وأهل البيوتات من العجم والفقهاء والشعراء. وكانت طبوله من جلود الكلاب ". والمسعودي ٢: ١٨٠ - ١٩٤ وفيه: " كان يقول: