ولكن الله لم يشأ أن يتم تحقيق هذا البرنامج الفذّ في حياة الملك فيصل، فانتقلت مسيرة البلاد إلى الملك خالد ومعاونة ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز، وذلك إثر وفاة الملك فيصل فجأة، صباح الثلاثاء الواقع فيه ١٣ / ٣ ١٣٩٥ هـ (٢٥ آذار ١٩٧٥ م) متأثرا من جراحة التي خلّفها حادث الاعتداء الأثيم عليه من قبل الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، المعروف باختلال عقله. وقد خلّف، رحمه الله، من الأنجال، الأمراء: عبد الله، وسعودا ومحمدا وخالدا وعبد الرحمن وسعدا وبندر وتركيّا. ولعل أوضح ما يوجز ما قام به، وما كان يقوم به، وما كان ينوي أن يقوم به، تصريحه لمحطة التلفزيون قبل يومين من وفاته الّذي جاء فيه ما يلي: قد لا يكون تطور المملكة الّذي أنجز حتى اليوم مرضيا لطموحنا، ولكنه يتميز بأنه مدروس، وأنه أقصى ما يمكن تنفيذه عملا، ونحن نريد أن تكون هذه المملكة، الآن، وبعد خمسين سنة من الآن، إن شاء الله، مصدر إشعاع للإنسانية والسلام، يسكنها شعب مؤمن باللَّه. يجب أن تشكل الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، وتعود الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما أن عودة القدس إلى الإدارة العربية أمر حيوي في نظرنا، ولا يمكن أن نقبل بغير ذلك. وصفه أحد معايشيه فقال عنه: " كان رجلا كلّه جدّ في وداعة، وتواضع في ترفّع، يعمل لمواجهة ما يضمره المستقبل مع الإيمان به.
طويل الصبر والحلم والأناة، دون أن يستكين أو يتواكل أو يغفو، يستمع إلى ما يدور في أعماق الناس أكثر مما يستمع إلى ما يقولون، يقف في شهامة إلى جانب الحق حيثما كان، مع عفة لسان ودون جلية، أذناه أعمل من لسانه، وأغواره أعمق من مظهرة، يجلوه وقار، دون تجهّم