" ما زال يختصر لي قرآن محامد الحضرة في سورة، ويجمع لي العالم منها في صورة، حتى رأى السفر وآلاته " إلى أن يقول: " وقد علمت الحضرة أن السفر إليها، فليكن السكن والسكون مضمونا لديها محسنة مجملة إن شاء الله تعالى ". ودخل عدن (سنة ٥٦٥) ثم غادرها مبحرا في تجارة. وارتطمت سفينته بصخرة في جزيرة " نخرة " بضم النون وسكون الخاء (وسماها ابن خلكان جزيرة الناموس؟) قرب دهلك (قال ياقوت: ويقال له دهيك أيضا، وهو مرسى في جزيرة بين بلاد اليمن والحبشة) فتبدد " ثلثا " ما معه من فلفل وبقم وسواهما. وأسعفه سلطان دهلك " مالِك بن أبي السداد " بالطعام والملابس، له ولرجاله، وأنزله عنده. واستكتبه في منتصف جمادي الآخر (٥٦٦) رسالة إلى " السيد عبد النبي بن مهدي " صاحب زبيد، ورسالة أخرى (غير مؤرخة) إلى " القاسم بن الغانم بن وهاس الحسني صاحب بلاد عثر، بين الحجاز واليمن " وكتب هو، في غرة رجب ٥٦٦ إلى " أبي بكر العيدي " الوزير بعدن، اثنتي عشرة صفحة صغيرة، هذه فقرات منها:"..من جانب الصخرة، بنخرة..وشوقي يكاثر الفلفل المبدد في السواحل، والبقَّم المفرق في المراحل..ما زالت تترامى بنا الأفواج والأمواج، حتى استأثرت.
بأموالنا وآمالنا. نعم، قد سلم الثلث، والثلث كثير، وحصلنا بجزيرة دهلك، والسلطان المالك ابن أَبي السَّدَاد..ساعدني بالبَز والبُر..ووثقت منه بوعد في خروجي هذه السنة عند عود رسوله من بر العرب " ثم يحدثه ببعض الأخبار: " ووردت كتب مضمنة جملة من الأخبار المصرية، منها أن السلطان الأجل صلاح الدين. غزا غزّة من بلاد الفرنج خذلهم الله، وكسر، وأسر، وعاد غانما والحمد