للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو الّذي هاج القتال بين بني بكر وبين بني تميم وضبة والرباب، يوم " ذي قار " أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم. وكان كسرى قد أقطعه " الأبلة " ومنازله مع قومه بني شيبان في بادية " ذي قار ". ولما أحسّ النعمان بن المنذر (المنعوت بملك العرب) بتغير كسرى عليه، واستدعاه كسرى من الحيرة (مقر إمارته) للذهاب إلى فارس، بحث عن قبيلة تحمي أهله وسلاحه وماله، إن أراده كسرى بسوء، وذهب إلى " ذي قار " فنزل في بني شيبان، سرا، ولقي هانئا، فعاهده هذا على أن يمنع ودائعه مما يمنع منه أهله. فأودعه أهله وماله، وفيه ٤٠٠ درع، وقيل ٨٠٠ وتوجه إلى كسرى، فقبض عليه، وأرسله إلى خانقين، فمات بالطاعون. وولى مكانه (في الحيرة) إياس بن قبيصة الطائي. وكتب كسرى إلى إياس أن يجمع ما خلفه النعمان ويرسله إليه، فبعث إياس إلى " هانئ " يأمره بإرسال ما استودعه النعمان. ووفى هانئ بعهده للنعمان، فامتنع من تسليم الودائع. وزحف جيش كسرى يقوده إياس بن قبيصة ومعه مرازبة من الفرس وكثير من قبائل تغلب وإياد وغيرهما، إلا أن إيادا اتصلت ببني شيبان، خفية، ووعدتهم بأن لن تقاتل. وكانت المعارك في بطحاء " ذي قار " وأخرج هانئ ما عنده من سلاح النعمان ودروعه فوزعه على جموع بكر بن وائل وقد أقبلت انتصارا لشيبان، وهم منهم. وانهزم الفرس ومن معهم. وللشعراء قصائد كثيرة في وصف هذا اليوم. ويرجح الرواة أنه كان بعد بعثة النبي صلّى الله عليه وسلم ويقال: من كلام هانئ يوم الوقعة: " يا قوم! مهلك مقدور خير من نجاء معرور.

الحذر لا يدفع القدر، والصبر من أسباب الظفر. المنية ولا الدنية. واستقبال الموت خير من استدباره. جدوا فما من الموت بد. شدوا واستعدوا، وإلّا تشدوا تردوا " (١) .


(١) الكامل لابن الأثير ١: ١٧١ - ١٧٤ والأغاني ٢٠:

<<  <  ج: ص:  >  >>