على تولية صاحب الترجمة أمر الجهاد وخلعوا بيعة عبد الحفيظ ودعوا القبائل لمبايعته، فلم يتخلف منهم أحد وأتته رسائل المبايعة من سكان الحواضر. واجتمع له جيش ضخم. فقصد مدينة (مراكش) ودخلها (في رمضان ١٣٣٠) على رضى من أهلها. وكانت فيها فرقة من الجند هيئت لمقاومته، فانضمت اليه. وكان للمولى عبد الحفيظ خليفة فيها تقدم اليه بالطاعة. وأقبل عليه الشعراء بأماديحهم. وكان العام خصيبا فهبطت الأسعار، وعد ذلك من بركته. وعظم اعتقاد الأهالي به فأقام ٢٤ يوما لم يقع فيها حادث سرقة. ولم يأخذ بشئ من الاحتياط للطوارئ اعتمادا على أن الناس كلهم نصراؤه. وقصده من الدار البيضاء جيش جهزه الفرنسيون، من المغاربة، فلما كانوا على مقربة من مراكش، هزمهم رجال الهيبة. وأعيدت الكرة من الدار البيضاء (مركز الاحتلال يومئذ) فانهزم رجال الهيبة وفر هو من مراكش إلى (تارودانت) وتحصن بها. وهوجم، فخرج إلى موضع يسمى (تامكر) من جبال (هشتوكة) وجدّ أعوان الاحتلال في مطاردته، فهرب الى (بعقيلة) وتوغل في جبال (جزولة) واستقر في موضع منها اسمه (كردوس) أطاعه من حوله من أهل الجبال، الى (آيت باعمران) و (الأخصاص) الى (تندوف) من جهة الصحراء. ولاحقه جيش الاحتلال، فثبت له أصحاب الهيبة وفتكوا بالمغيرين. وتجددت قوته. وحشد الفرنيسون جموعا من أهل المغرب والجزائر والسنغال والسودان، يقودهم الجنرال (غورو) بمدافع وطيارات ورشاشات، عسكرت في تزنيت ونواحيها وتعددت الوقائع. وانقسم أصحاب الهيبة على أنفسهم. وقتل كثير من رجال القبائل وزعمائهم. ومرض الهيبة أياما قليلة كانت ختام حياته وتوفي بكردوس. قال صاحب المعسول: (لقد أبى الهيبة إباء كليا أن ينقاد إلى الاحتلال بعد ما حاول رجال