من استطاع النجاة بنفسه وفيهم الوليد " أبوركوة " وهو في بدء شبابه. وأقام مدة بمصر يقرأ الحديث. ورحل إلى مكة واليمن، في مظهر المتصوفة يحمل " ركوة " في أسفاره، على طريقتهم، وبها اشتهر ب أبي ركوة. وعاد إلى مصر، ثم نزل ببني قرة (من قبائل برقة) يعلم صغارهم ويؤم كبارهم. واتفق أن الحاكم بأمر الله (الفاطمي) قتل جماعة من بني قرة وسجن بعض أعيانهم، فدعاهم أبوركوة إلى خلع طاعته، فأجابوا، وأطاعته قبائل زناتة. ووجّه إليه الحاكم جيشا، عليه القائد " ينّال الطويل " وكان تركيا، فظفر به أبوركوة وقتله، وبعث السرايا إلى الصعيد وأرض مصر. وعظم أمره، وخوطب بأمير المؤمنين، ولقب بالثائر بأمر الله، وضرب السكّة باسمه.
ثم زحف على مصر، ودخل " الجيزة " واضطرب الحاكم.
قال ابن تغري بردي:" تعاظم أمر أبي ركوة سنة ٣٩٥ هـ حتى عزم الحاكم على الخروج إلى الشام وبرز إلى بلبيس بالعساكر والأموال، فأشير عليه بالعود إلى مصر فعاد " وتعاقبت الوقائع، وتمكن الحاكم من الاتصال بمقدم جيوش أبي ركوة، واسمه الفضل ابن عبد الله، فبعث إليه بخمسمائة ألف دينار (كما يقول ابن كثير) ليثنيه عن أبي ركوة. وفي هذه الرواية شك فابن الأثير يقول إن الفضل كان قائد جيش الحاكم، واستمال قائدا كبيرا من بني قرة يعرف بالماضي " فكان يطالعه بأخبار القوم وما هم عازمون عليه، فيدبر الفضل امره حسب ما يعلمه منه "
وسواء أكان هذا أم ذاك، فإن كبيرا من رجال أبي ركوة خانه، وبدأ الضعف يدبّ في قواه.
قال الذهبي: يقال: إنه قُتل من أصحاب أبي ركوة نحو سبعين ألفا. وانتهى الأمر بهزيمة من بقي معه، فرحل متجها إلى النوبة، فقبض عليه فيها، أو قبل بلوغها (روايتان) وحمل إلى مصر، فأشهر بها وألبس طرطورا