تدمر وغيرها، وتحمل الرسل وأمتعة التجار على إبلها، فأرسل " زكرويه " أولاده إليهم، فخالطوهم، وانتموا إلى علي ابن أبي طالب، وذكروا أنهم خائفون من السلطان وأنهم لاجئون إليهم، فقبلوهم على ذلك. ثم أخذوا يبثون فيهم الدعوة إلى رأي القرامطة، فأجابهم فخذ من بني كلب، يقال لهم بنو العُلَيص بن ضمضم بن عدي بن جناب، وبايعوا " يحيى بن زكرويه " صاحِب الترجمة، في ناحية السماوة (سنة ٢٨٩) ولقبوه بالشيخ. وانحازت إليه جماعة من " بني الأصبغ " وأخلصوا له. وتسموا بالفاطميين. وقصدهم " سبك " الدليمي، مولى المعتضد، فقاتلوه بناحية الرصافة، في غربي الفرات، من ديار مضر، وقتلوه. وأحرقوا مسجد الرصافة، وقصدوا الشام، وقاتلوا عساكر أميرها " طُغج بن جف " وكانت تابعة لمصر. وحاصروا دمشق. وأنفذ المصريون بدرا الكبير، غلام ابن طولون، فاجتمع مع طغج على محاربة " يحيى " وقتل يحيى في موقعة بقرب دمشق، قال الطبري:" في يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من شعبان (٢٩٠) قرئ كتابان في الجامعين، بمدينة السلام، بقتل يحيى ابن زكرويه الملقب بالشيخ، قتله المصريون على باب دمشق، وقد كانت الحرب اتصلت بينه وبين من حاربه من أهل دمشق وجندها، ومددهم من أهل مصر، وكسر لهم جيوشا، وقتل منهم خلقا كثيرا ". وكان " يحيى " يركب جملا برحاله (ولا يركب غير الجمل من الدواب) ويلبس ثيابا واسعة، ويعتمّ عمة أعرابية ويتلثم. وإذا كانت الحرب، جعل يشير بيده إلى ناحية من نواحي الجيش المقاتل له، فيوهم الأعراب، أنه بإشارته يهزم من في تلك الناحية. وكان إذا اصطفت الجموع للقتال يأمر أصحابه ألا يقتحموا المعركة، حتى يتحرك جمله، من تلقاء نفسه! (١) .