للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك من الخلاف، ومن ادّعاها غيره فهو ضالّ. كما جزم بكفره الإمام موفق الدين الكواشي [ (١) ]- بالفتح والتخفيف وبالمعجمة- والإمام المهدوي [ (٢) ] في تفسيريهما، والإمام جمال الدين الأردبيلي [ (٣) ]- بالفتح وسكون الراء وضم الدال المهملة وكسر الموحدة وسكون التحتية- في كتاب «الأنوار» إذ قد سألها نبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران، ولم تحصل له، أفتحصل لآحاد الناس؟ هذا مما يتوقف فيه.

فصل: وإذا علم ما تقرر ففي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج مذهبان:

فنفتها عائشة وهو المشهور عن ابن مسعود، وجاء مثله عن أبي هريرة، وإليه ذهب كثيرون من المحدّثين والمتكلمين. وبالغ الحافظ عثمان عن سعيد الدارمي، فنقل فيه الإجماع، والثاني أنه رآه. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن أنه كان يحلف بالله أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه.

وروى ابن خزيمة عن عروة بن الزبير إثباتها، وكان يشتد عليه إنكار عائشة لها. وبه قال سائر أصحاب ابن عباس، وبه جزم كعب الأحبار والزهري ومعمر وآخرون. وبه قال الشيخ أبو الحسن الأشعري [ (٤) ] وغالب أتباعه. وجنح ابن خزيمة إلى ترجيحه بما يطول ذكره. ثم اختلفوا:


[ (١) ] أحمد بن يوسف بن الحسن بن رافع بن الحسين بن سويدان الشيباني الموصلي، موفق الدين أبو العباس الكواشي:
عالم بالتفسير، من فقهاء الشافعية. من أهل الموصل. كان يزوره الملك ومن دونه فلا يقوم لهم ولا يعبأ بهم. من كتبه:
«تبصرة المتذكر» في تفسير القرآن، و «كشف الحقائق» و «تلخيص في تفسير القرآن العزيز» . توفي ٦٨٠ هـ-. الأعلام ١/ ٢٧٤.
[ (٢) ] أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي التميمي، أبو العباس: مقرئ أندلسي أصله من المهدية بالقيروان. رحل إلى الأندلس في حدود سنة ٤٠٨ وصنف كتبا، منها «التفصيل الجامع لعلوم التنزيل» وهو تفسير كبير للآيات، يذكر القراءات والإعراب، واختصره وسماه «التحصيل في مختصر التفصيل» توفي نحو ٤٤٠ هـ-. الأعلام ١/ ١٨٤.
[ (٣) ] محمد بن عبد الغني الأردبيلي، جمال الدين: نحوي. له «شرح أنموذج الزمخشري» في النحو. توفي سنة ٦٤٧ هـ-.
الأعلام ٦/ ٢١١.
[ (٤) ] علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى، الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري. إمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين، والذابّ عن الدين، والمصحح لعقائد المسلمين. مولده سنة ستين ومائتين، وقيل: سنة سبعين. أخذ علم الكلام أولا عن أبي على الجبائي شيخ المعتزلة، ثم فارقه، ورجع عن الاعتزال، وأظهر ذلك، وشرع في الرد عليهم، والتصنيف على خلافهم. وقال أبو بكر الصيرفي: وهو من نظراء الشيخ أبي الحسن، كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم.
قال الخطيب البغدادي: أبو الحسن الأشعري المتكلم، صاحب الكتب والتصانيف في الرّد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة، والجهمية والخوارج، وسائر أصناف المبتدعة. وهو بصري سكن بغداد إلى أن توفي. وقد جمع الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر له ترجمة حسنة، ورد على من تعرض له بالطعن، وذكر فضائله، ومصنفاته، ومتابعته في كتبه المذكورة السنة، وانتصارها لها، وذبه عنها ومن أخذ عنه من العلماء الأعلام، سمّاه «تبيين الكذب المفتري فيما نسب إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري» ، وهو كتاب مفيد مطبوع ومتداول بين أهل العلم توفي في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
انظر الطبقات لابن قاضي شهبة ١/ ١١٣، ١١٤، وتاريخ بغداد ١١/ ٣٤٦ ووفيات الأعيان ٢/ ٤٤٦ والبداية والنهاية ١١/ ١٨٧ وطبقات الشافعية للسبكي ٢/ ٢٤٥ وتبيين كذب المفتري ص ١٢٨ وشذرات الذهب ٢/ ٣٠٣ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٥٩ والجواهر المضية ١/ ٣٥٣.