للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوسط بين الرجلين. فرجعوا عنه حتى إذا كانت الليلة الثالثة، رآهم، فقال الأول: هو هو، فقال الأوسط: نعم، وقال الآخر: خذوا سيد القوم الأوسط بين الرجلين. فاحتملوه حتى جاءوا به زمزم، فألقوه على ظهره فتولّاه منهم جبريل» .

وفي رواية: «فرج سقف بيتي، فنزل جبريل، فشقّ من ثغرة نحره إلى أسفل بطنه، ثم قال جبريل لميكائيل: ائتيني بطست من ماء زمزم كيما أطهّر قلبه وأشرح صدره، فاستخرج قلبه، فغسله ثلاث مرات، ونزع ما كان فيه من أذى، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسوت من ماء زمزم، ثم أتى بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا، فأفرغه في صدره، وملأه حلما وعلما ويقينا وإسلاما. ثم أطبقه ثم ختم بين كتفيه بخاتم النبوة، ثم أتي بالبراق مسرجا ملجما، وهو دابة أبيض، طويل فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، مضطرب الأذنين، إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه، وإذا هبط ارتفعت يداه، له جناحان في فخذيه يحفز بهما رجليه» .

وعند الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما: «له خدّ كخدّ الإنسان وعرف كعرف الفرس وقوائم كالإبل وأظلاف وذنب كالبقر» . انتهى. «فاستصعب عليه» وفي رواية «فشمس [ (١) ] ، وفي رواية كأنها صرّت [ (٢) ] أذنيها فرزّها جبريل وقال: مه أبمحمد تفعلين هذا؟» وفي رواية: «فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال: «ألا تستحي يا براق؟ فوالله ما ركبك خلق» - وفي رواية- عبد لله قط أكرم على الله منه. فاستحى حتى ارفضّ عرقا، وقرّ حتى ركبها» - وفي رواية- ركبه. وكانت الأنبياء تركبها قبله» . وقال أنس بن مالك: «كانت الأنبياء تركبها قبله» . وقال سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: «وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام» .

فانطلق به جبريل- وفي رواية- فانطلقت مع جبريل. وعند أبي سعيد النيسابوري في الشرف: فكان الآخذ بركابه جبريل، وبزمام البراق ميكائيل- وفي رواية: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره.

فساروا حتى بلغوا أرضا ذات نخل. فقال له جبريل: انزل فصلّ ههنا، ففعل، ثم ركب. فقال له جبريل: أتدري أين صلّيت؟ قال: لا. قال: صلّيت بطيبة وإليها المهاجر. فانطلق البراق يهوي به، يضع حافره حيث أدرك طرفه. فقال جبريل: إنزل فصلّ، ففعل. ثم ركب. فقال جبريل: أتدري أين صلّيت؟ قال: لا. قال: صلّيت بمدين عند شجرة


[ (١) ] شمس الدابة شموسا، وشماسا: جمحت ونفرت. انظر المعجم الوسيط ١/ ٤٩٦.
[ (٢) ] صرّ الفرس والحمار بأذنه يصر صرا وصرّها، وأصرّ بها: سوّاها ونصبها للاستماع. انظر لسان العرب ٤/ ٢٤٣٠.