للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى. ثم ركب. فانطلق البراق يهوي. ثم قال: انزل فصلّ. ففعل. ثم ركب. فقال: أتدري أين صلّيت؟ قال: لا. قال: صلّيت بطور سينا حيث كلّم الله موسى.

ثم بلغ أرضا بدت له قصورا. فقال له جبريل: انزل فصلّ. ففعل، ثم ركب وانطلق البراق يهوي. فقال له جبريل: أتدري أين صلّيت؟ قال: لا. قال: صلّيت ببيت لحم، حيث ولد عيسى. وبينا هو يسير على البراق إذ رأى عفريتا من الجن، يطلبه بشعلة من نار، كلما التفت رآه. فقال له جبريل: ألا أعلمك كلمات تقولهن، فإذا قلتهن طفئت شعلته وخرّ لفيه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، فقال جبريل: «قل أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» . فانكبّ لفيه وانطفأت شعلته.

فساروا حتى أتوا على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه. ووجد ريحا طيبة، فقال: يا جبريل ما هذه الرائحة؟ قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها، بينا هي تمشط بنت فرعون إذ سقط المشط، فقالت: بسم الله، تعس فرعون. فقالت ابنة فرعون: أولك ربّ غير أبي؟ قلت: نعم، ربّي وربّك الله. وكان للمرأة ابنان وزوج فأرسل إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما، فقال: إني قاتلكما، فقالا: إحسانا منك إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت- وفي رواية قالت:

إن لي إليك حاجة. قال: وما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولديّ، فتدفنّا جميعا. قال:

ذلك لك بما لك علينا من الحق، فأمر بنقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها لتلقى فيها هي وأولادها، فألقوا واحدا، واحدا، حتى بلغوا أصغر رضيع فيهم، فقال: يا أمه قعي ولا تقاسي فإنك على الحق. قال: وتكلم أربعة وهم صغار: هذا وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى ابن مريم عليه السلام.

ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم، كلما رضخت عادت كما كانت. ولا يفتر عنهم من ذلك شيء. فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين تتشاغل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة. ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع، يسرحون كما تسرح الإبل والغنم، ويأكلون الضّريع والزّقّوم ورضف جهنّم وحجارتها. فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال:

هؤلاء الذين لا يؤدّون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله شيئا، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدور، ولحم آخر نيء خبيث، فجعلوا يأكلون من النّيّئ الخبيث ويدعون النضيج.

فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل من أمّتك تكون عنده المرأة الحلال الطّيّب، فيأتي