للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امرأة خبيثة، فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا، فتأتي رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح.

ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمرّ بها ثوب ولا شيء إلا خرقته. فقال: ما هذا يا جبريل؟ فقال: هذا مثل أقوام من أمّتك يقعدون على الطريق فيقطعونه، وتلا: وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ [الأعراف: ٧٦] ورأى رجلا يسبح في نهر من دم، يلقم الحجارة، فقال:

من هذا؟ قال: آكل الرّبا. وأتى على قوم قد جمع الرجل منهم حزمة عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يزيد عليها، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل من أمّتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها، ويريد أن يتحمّل عليها.

ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عاد، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة من أمتك يقولون ما لا يفعلون. ومرّ بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.

وأتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها. وأتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة كريح المسك، وسمع صوتا، فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا صوت الجنة تقول: يا رب ايتني بما وعدتني، فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي، وعبقري [ (١) ] ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي، وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي، ولبني وخمري. قال: لك كلّ مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي، وعمل صالحا، ولم يشرك بي، ولم يتخذ من دوني أندادا، ومن خشيني فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني جزيته، ومن توكل عليّ كفيته، إني أنا الله لا إله إلا أنا، لا أخلف الميعاد، وقد أفلح المؤمنون، وتبارك الله أحسن الخالقين. قالت: قد رضيت.

وأتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنة، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا صوت جهنم تقول: يا رب ايتني بما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغسّاقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتدّ حرّي، فأتني بما وعدتني. فقال:

لك كلّ مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وخبيث وخبيثة، وكلّ جبّار لا يؤمن بيوم الحساب:

قالت: قد رضيت.


[ (١) ] عبقري قيل: هو الدّيباج. وقيل: البسط الموشيّة. وقيل: الطّنافس الثّخان. انظر النهاية لابن الأثير ٣/ ١٧٣.