للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّانا العقبة. قال: فأسلم وشهد معنا العقبة [وكان نقيبا] .

[قال] : فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلّل تسلّل القطا مستخفين حتى اجتمعنا في الشّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلا، ومعنا امرأتان من نسائنا: نسيبة [ (١) ] بنت كعب، أمّ عمارة، إحدى نساء بني مازن بن النّجّار، وأسماء بنت عمرو [ (٢) ] بن عديّ [بن نابي، إحدى نساء بني سلمة وهي أم منيع] . فاجتمعنا في الشّعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم- وذكر ابن سعد وأبو معشر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقهم وانتظرهم- حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحبّ أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثّق له.

فلما جلس كان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال: «يا معشر الخزرج، - قال:

وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج خزرجها وأوسها- إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزّ من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممّن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عزّ ومنعة من قومه وبلده. وروى الإمام أحمد عن الشعبي عن أبي مسعود البدري [ (٣) ] رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمّه العباس إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة فقال: «ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فإن عليكم من المشركين عينا، وإن يعلموا بكم يفضحوكم» . فقلنا «قد سمعنا ما قلت فتكلّم يا رسول الله وخذ لنفسك ولربك ما أحببت» .

قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام، ثم قال:

«أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» . قال: فأخذ البراء بن معرور


[ (١) ] نسيبة بفتح النون أيضا بنت كعب بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مبدول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارية أم عمارة مشهورة بكنيتها واسمها معا. الإصابة ٨/ ١٩٨.
[ (٢) ] أسماء بنت عمرو بن عدي بن ياسر بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصارية السلمية أم معاذ بن جبل وكنيتها أم منيع.. ذكر ابن إسحاق بسند صحيح عن كعب بن مالك أنها كانت مع من شهد العقبة مع السبعين هي نسيبة بنت كعب وقال في التجريد وقيل: هي أسماء بنت عدي بن عمرو. الإصابة ٨/ ٨.
[ (٣) ] عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة: - بفتح الهمزة وكسر المهملة- ابن عطية بن جدارة بجيم- ابن عوف بن الخزرج الأنصاري البدري أبو مسعود. عدّه فيمن شهد بدرا البخاري تبعا لابن شهاب والحكم بن عتيبة وابن إسحاق. وقال سعيد بن إبراهيم: لم يشهدها. له مائة وحديثان، اتفقا على تسعة، وانفرد (خ) بحديث، و (م) بسبعة. وعنه ابن بشير وأبو وائل وقيس بن أبي حازم. قال الهيثم: مات سنة أربعين. وقيل: بعد سنة ثلاثين بسنة أو سنتين.