للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيده، ثم قال: «نعم فوالله الذي بعثك بالحق لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر» . قال: فاعترض القول، والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الهيثم بن التيهان، فقال: «يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها- يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟» قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم

قال: «بل الدّم الدّم والهدم الهدم»

أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم- «أنا منكم وأنتم منّي أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم» .

قال كعب: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم بما فيهم» .

فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس:

فمن الخزرج: أبو أمامة أسعد بن زرارة نقيب بني النّجّار. ورافع بن مالك بن العجلان نقيب بني زريق، وسعد بن الرّبيع، بفتح الراء، وعبد الله بن رواحة نقيب بني الحارث بن الخزرج وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو نقيب بني ساعدة والبراء بن معرور- بالعين المهملة وعبد الله بن عمرو بن حرام وعبادة بن الصامت. ومن الأوس: أسيد بن حضير- بالحاء المهملة والضاد المعجمة- نقيب بني عبد الأشهل ورفاعة بن عبد المنذر وسعد بن خيثمة نقيبا بني عمرو بن عوف.

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنّقباء: «أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي»

- يعني المسلمين. قالوا: نعم. قال ابن هشام: وأهل العلم يعدّون فيهم أبا الهيثم بن التيهان ولا يعدون رفاعة.

وروى البيهقي عن الإمام مالك رضي الله عنه قال: حدثني شيخ من الأنصار أن جبريل عليه السلام كان يشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من يجعله نقيبا ليلة العقبة. قال مالك: وكنت أعجب كيف جاء هذا؟ رجلان من قبيلة ورجل من أخرى، حتى حدّثت بهذا الحديث: أن جبريل هو الذي ولّاهم وأنه أشار إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وروى أبو نعيم عن ابن عمر قال: «لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم النقباء قال: لا يجد امرؤ في نفسه شيئا إنما أخذ من أشار إليه جبريل» وروى أنه صلى الله عليه وسلم نقب على النقباء أسعد بن زرارة فلما توفي أسعد والمسجد يبنى اجتمع بنو النجار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجعل منهم شخصا نقيبا عليهم، فقال: «أنتم أخوالي وأنا نقيبكم» [ (١) ] وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخصّ بها بعضهم دون بعض قال السهيلي: «وإنما


[ (١) ] ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٣/ ٢٢٩.