للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيبا اقتداء بقول الله تعالى في قوم موسى وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [المائدة: ١٢] .

وقال كعب بن مالك يذكرهم فيما رواه ابن هشام عن أبي زيد [الأنصاري] :

فأبلغ أبيّا أنّه فال [ (١) ] رأيه ... وحان غداة الشّعب والحين واقع

أبى الله ما منّتك نفسك إنّه ... بمرصاد أمر النّاس راء وسامع

وأبلغ أبا سفيان إن قد بدا لنا ... بأحمد نور من هدى الله ساطع

فلا ترعين في حشد أمر تريده ... وألّب وجمّع كلّ ما أنت جامع

ودونك فاعلم أنّ نقض عهودنا ... أباه عليك الرّهط حين تبايعوا

أباه البراء وابن عمرو كلاهما ... وأسعد يأباه عليك ورافع

وسعد أباه السّاعديّ ومنذر ... لأنفك إن حاولت ذلك جادع [ (٢) ]

وما ابن ربيع إن تناولت عهده ... بمسلمه لا يطمعن ثمّ طامع

وأيضا فلا يعطيكه ابن رواحة ... وإخفاره من دونه السّمّ ناقع

وفاء به والقوقلي ابن صامت ... بمندوحة عمّا تحاول يافع

أبو هيثم أيضا وفي بمثلها ... وفاء بما أعطى من العهد خانع

وما ابن حضير إن أردت بمطمع ... فهل أنت عن أحموقة الغيّ نازع

وسعد أخو عمرو بن عوف فإنّه ... ضروح لما حاولت ملأمر مانع

أولاك نجوم لا يغبّك منهم ... عليك بنحس في دجى اللّيل طالع

فذكر كعب فيهم أبا الهيثم بن التيهان ولم يذكر رفاعة. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف: «يا معشر الخزرج، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟» قالوا: نعم. قال: «إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم تريدون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتل أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم تريدون أنكم وافون له بما عاهدتموه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة» . قالوا: «فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله» ؟ قال: «الجنة» . قالوا: ابسط يدك. فبسط يده، فبايعوه.

فأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال: «والله ما قال ذلك العباس إلا ليشدّ العقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم


[ (١) ] فال رأيه: وفيولا: أخطأ وضعف. انظر المعجم الوسيط ٢/ ٧١٥.
[ (٢) ] انظر الروض الأنف ٢/ ١٩٠، ١٩١.