للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت مرتحل عنهم وتاركهم ... إمّا عدوّا وإمّا مدلج ساري

وهاجر رضمهم حتّى يكون لنا ... قوم عليهم ذوو عزّ وأنصار

حتّى إذا اللّيل وارتنا جوانبه ... وسدّ من دون من تخشى بأستار

سار الأريقط يهدينا وأينقه [ (١) ] ... ينعبن بالقوم نعبا تحت أكوار

يعسفن عرض الثّنايا بعد أطولها ... وكلّ سهب رقاق التّرب موّار [ (٢) ]

حتّى إذا قلت قد أنجدن عارضها ... من مدلج فارس في منصب واري

يردي به مشرف الأقطار معتزم ... كالسيّد ذي اللّبدة المستأسد الضّاري

فقال: كرّوا فقلنا: إنّ كرّتنا ... من دونها لك نصر الخالق الباري

أن يخسف الأرض بالأحوى وفارسه ... فانظر إلى أربع في الأرض غوّار

فهيل لما رأى أرساغ مهرته ... قد سخن في الأرض لم تحفر بمحفار

فقال: هل لكم أن تطلقوا فرسي ... وتأخذوا موثقا في نصح أسرار

وأصرف الحيّ عنكم أن لقيتهم ... وأن أعوّر منهم عين عوّار

فادع الذي هو عنكم كفّ عورتنا ... يطلق جوادي وأنتم خير أبرار

فقال قولا رسول الله مبتهلا ... يا رب إن كان منه غير إخفار

فنجّه سالما من شرّ دعوتنا ... ومهره مطلقا من كلم آثار

فأظهر الله إذ يدعو حوافره ... وفاز فارسه من هول أخطار [ (٣) ]

وروى البخاري عن عروة والحاكم عنه عن أبيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجّارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم ثيابا بيضا. وروى البيهقي عن موسى بن عقبة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دنا من المدينة هو وأبو بكر وقدم طلحة بن عبيد الله من الشام خرج عامدا إلى مكة لما ذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، خرج إما متلقّيا لهما وإما عامدا عمرة بمكة ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام، فلما لقيه أعطاه الثياب، فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأبو بكر.

وروى أبو نعيم عن أنس بن مالك عن ... الأوسي الأسلمي عن أبيه قال: «لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مرّوا بإبل لنا بالجحفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمن هذه الإبل» ؟


[ (١) ] الأينق: جمع قلّة لناقة، وأصله أنوق، فقلب وأبدل واوه ياء. وقيل: هو على حذف العين وزيادة الياء عوضا عنها، فوزنه على الأول: أعفل لأنه قدم العين، وعلى الثاني: أيفل، لأنه حذف العين. انظر النهاية ٥/ ١٢٩.
[ (٢) ] يقال: مار التراب إذا ثار.. ورياح موّارة: مثيرة للتراب. انظر المعجم الوسيط ٢/ ٨٩٨.
[ (٣) ] انظر الروض الأنف ٢/ ٢٣٤.