وروى الزبير بن بكار عن عبد الله بن حارثة قال:«نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن الهدم، فصاح كلثوم بغلام له فقال: يا نجيح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنجحت يا أبا بكر»
وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة بعد مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما- قال بعضهم: ثلاثة- حتى أدّى للنّاس ودائعهم التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه ليردّها، ثم خرج فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم.
وقال عليّ فيما رواه ابن إسحاق ورزين:«كنت نزلت بقباء وكانت امرأة مسلمة لا زوج لها، فرأيت إنسانا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها، فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه فاستربت شأنه، فقلت لها: يا أمة الله، من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كلّ ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئا لا أدري ما هو، وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت: هذا سهل بن حنيف، قد عرف أني امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها. فقال: احتطبي بها، فكان عليّ يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حين هلك عنده بالعراق.
وكان لكثوم بن الهدم مربد، والمربد الموضع الذي يبسط فيه التّمر ليجفّ، فأخذه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسّسه وبناه مسجدا. وفي الصحيح عن عروة: «فلبث في بني عمرو بن عوف وأسّس المسجد الذي أسس على التقوى» . وفي رواية عبد الرزاق عنه قال:«الذين بني فيهم المسجد الذي أسس على التقوى» هم بنو عمرو بن عوف وكذا عند ابن عائذ ولفظه: «ومكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال واتّخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ثم بناه بنو عمرو بن عوف فهو الذي أسس على التقوى» .
وروى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن المسعودي عن الحكم بن عتيبة- بضم العين المهملة وفتح الفوقية وسكون التحتية وبالموحّدة- قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم فنزل بقباء قال عمار بن ياسر: «ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدّ من أن يجعل له مكانا يستظلّ به إذا استيقظ ويصلّي فيه» . فجمع حجارة فبنى مسجد قباء فهو أول من بنى مسجدا- روى الحافظ والسيد- يعني لعامّة المسلمين أو للنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو في التحقيق أوّل مسجد صلى فيه بأصحابه جماعة ظاهرا، وإن كان قد بني غيره من المساجد، فقد روى ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه قال: لقد لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم علينا النبي صلى الله عليه وسلم سنتين نعمر المساجد ونقيم الصلاة، ولذا قيل: كان المتقدّمون في الهجرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنصار بقباء قد بنوا مسجدا يصلّون فيه، يعني هذا المسجد، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد قباء صلّى بهم فيه إلى بيت المقدس، ولم يحدث فيه شيئا أي في أول الأمر لأن ابن شبّة- بالشين المعجمة