للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والموحّدة المشدّدة المفتوحتين- روى ذلك، ثم

روى إن النبي صلى الله عليه وسلم بنى مسجد قباء، وقدّم القبلة إلى موضعها اليوم وقال: «جبريل يؤمّ بي البيت»

[ (١) ] .

وروى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: لما سأل أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم إن يبني لهم مسجدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليقم بعضكم فيركب الناقة، فقام أبو بكر رضي الله عنه فركبها فحرّكها فلم تنبعث فرجع فقعد فقام عمر رضي الله عنه فركبها فلم تنبعث فرجع فقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «ليقم بعضكم فيركب الناقة» ، فقام علي رضي الله عنه، فلما وضع رجله في غرز الرّكاب وثبت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أرخ زمامها وابنوا على مدارها فإنها مأمورة» .

وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن الشّموس- بفتح الشين المعجمة- بنت النعمان رضي الله عنها قالت: «نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم ونزل وأسّس هذا المسجد: مسجد قباء، فرأيته يأخذ الحجر أو الصّخرة حتى يهصره الحجر، وأنظر إلى بياض التراب على بطنه أو سرّته فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: يا رسول الله بأبي أنت وأمي اعطني أكفك، فيقول: «لا خذ مثله» ، حتى أسّسه، ويقول: «إن جبريل عليه السلام هو يؤمّ الكعبة» قالت: فكان يقال: إنه أقوم مسجد قبلة.

قال السيد: «قد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يستقبل بيت المقدس حتى نسخ ذلك وجاء نقباؤهم في صلاة الصبح فأخبرهم وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، فيحتمل إن جبريل عليه السلام كان يؤمّ [به] البيت ليستدلّ به على جهة بيت المقدس لتقابل الجهتين ويعلمه بما يؤول إليه الأمر من استقبال الكعبة. أو أنه صلى الله عليه وسلم كان مخيّرا في ابتداء الهجرة في التّوجّه إلى بيت المقدس أو إلى الكعبة، كما قاله الربيع، فأم به جبريل البيت لذلك، واختياره الصلاة لبيت المقدس أولا لاستمالة اليهود أو أن استقبال الكعبة كان مشروعا في ذلك الوقت ثم نسخ ببيت المقدس ثم نسخ بالكعبة كما قاله القاضي أبو بكر بن العربي وغيره من أن القبلة نسخت مرتين، أو أن ذلك تأسيس آخر غير التأسيس الأول. ويدل علي هذا ما قدمناه من رواية ابن شبّة» .

وروى ابن شبّة أيضا إن عبد الله بن رواحة كان يقول وهو يبنون في مسجد قباء: «أفلح من يعمر المساجدا» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المساجدا» ، فقال عبد الله: «ويقرأ القرآن قائما وقاعدا» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وقاعدا» فقال عبد الله: «ولا يبيت اللّيل عنه راقدا» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «راقدا» .


[ (١) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات ١/ ٢/ ٥.