للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدعا بالمال، فنقده،. وتحمّل هو وبنوه من ليلته، وفي رواية: إن الثّمن لما صار في يده قال:

أي قوم إن العذاب قد أظلّكم، وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم منزلا جديدا وجملا شديدا وسفرا بعيدا فليلحق بعمان، ومن أراد منكم الخمر والخمير والديباج والحرير، والأمر والتأمير فليلحق ببصرى وسدير ومن أراد منكم الرّاسخات في الوحل المطعمات في المحل، المقيمات في الضّحل فليلحق بيثرب ذات النّخل، فخرج أهل عمان إلى عمان، وخرجت غسّان إلى بصرى، وخرجت الأوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب، فلما كانوا ببطن مرّ قال بنو كعب: هذا مكان صالح لا نبغي به بدلا، فلذلك سمّوا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم، وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب» .

«ولما أراد الله ما أراد من تفريق من بقي وخراب بلادهم أقبلت فأرة حمراء إلى هرّة من تلك الهرر فساورتها حتى استأخرت عنها الهرّة، فدخلت الفأرة في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسّدّ فحفرت فيه حتى وهّنته للسّيل وهم لا يدرون، فلما جاء السّيل وجد خلاء فدخل فيه حتى قلع السّدّ وفاض من الماء على الأموال فاحتملها، فلم يبق منها إلا ما ذكر الله تعالى» .

«ولما قدمت الأوس والخزرج المدينة تفرّقوا في عاليتها وسافلتها ومنهم من نزل مع بني إسرائيل في قراهم ومنهم من نزل وحده لا مع بني إسرائيل ولا مع العرب الذين تألّفوا إلى بني إسرائيل، وكانت الثروة في بني إسرائيل، ولهم قرى عمروا بها الآطام. فمكثت الأوس والخزرج ما شاء الله، ثم سألوا اليهود في أن يعقدوا بينهم جوارا وحلفا يأمن به بعضهم من بعض، ويمتنعون به ممّن سواهم، فتحالفوا وتعاقدوا واشتركوا وتعاملوا فلم يزالوا على ذلك زمانا طويلا، وأمرت الأوس والخزرج، وصار لهم مال وعدد، فخافت قريظة والنّضير أن يغلبوهم على دورهم وأموالهم، فتنمّروا لهم حتى قطعوا الحلف الذي كان بينهم فأقامت الأوس والخزرج في منازلهم خائفين أن يجليهم يهود، حتى نجم منهم مالك بن العجلان، أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج وسوّده الحيّان الأوس والخزرج» .

«وكان ملك اليهود الفطيون شرط ألا تهدى عروس إلى زوجها حتى تدخل عليه، فلما سكن الأوس والخزرج المدينة أراد أن يسير فيهم بتلك السيرة. فتزوّجت أخت مالك بن العجلان رجلا من بني سالم، فأرسل الفطيون رسولا في ذلك، وكان مالك غائبا، فخرجت أخته في طلبه، فمرّت به في قوم، فنادته، فقال: لقد جئت بسبّة، تناديني ولا تستحي. فقالت:

إن الذي يراد بي أكبر، فأخبرته. فقال لها: أكفيك ذلك. فقالت: وكيف؟ فقال: أتزيّي بزيّ النساء وأدخل معك عليه بالسيف، فأقتله. ففعل. ثم خرج حتى قدم الشام على أبي جبيلة،