للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقره عليه الرافعي والنووي وغيرهما] والاكتفاء بزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن نذر إتيان مسجد المدينة كما قال الشيخ أبو علي تفريعا على القول بلزوم إتيانه كما قاله الشافعي والبويطي، على أنه لا بد من [ضمّ] قربة إلى الإتيان كما هو الأصحّ [تفريعا على اللزوم وعلّله الشيخ أبو علي بأن زيارته صلّى الله عليه وسلم من أعظم القربات، وتوقف في ذلك الإمام من جهة أنها لا تتعلق بالمسجد وتعظيمه، قال: وقياسه أنه لو تصدّق في المسجد أو صام يوما كفاه، وفيه نظر، على أن الصحيح ما نص عليه في المختصر من] عدم لزوم الإتيان.

وجاء في سوقها أن الجالب إليه كالمجاهد في سبيل الله، وأن المحتكر كالملحد في كتاب الله تعالى. واختصّت بظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها ومن انطفائها عند حرمها كما سيأتي في المعجزات، لما تضمّنه حديث الحاكم وغيره. [وفي حديث النسائي والبزار والحاكم واللفظ له:] «يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة» . وكان سفيان بن عيينة يقول: نرى هذا العالم مالك بن أنس. وقيل غير ذلك. وما نقل عن مالك من أن إجماع أهلها يقدّم على خبر الواحد، لسكناهم مهبط الوحي ومعرفتهم بالناسخ والمنسوخ.

واختصاص أهلها في قيام رمضان بست وثلاثين ركعة على المشهور عند الشافعية. قال الإمام الشافعي: رأيت أهل المدينة يقومون بتسع وثلاثين ركعة منها ثلاث للوتر. ونقل الروياني وغيره عن الشافعي أن سببه إرادة أهل المدينة مساواة أهل مكة فيما كانوا يأتون به من الطواف وركعتين بين الترويحات فجعلوا مكان كل أسبوع [ (١) ] ترويحة. قال الإمام الشافعي: «لا يجوز لغير أهل المدينة أن يباروا أهل مكة ولا ينافسوهم لأن الله فضّلهم على سائر العباد» .

وشاركتها مكة في تحريم قطع الرطب من شجرها وحشيشها وصيدها واصطياده وتنفيره، وحمل السلاح للقتال بها، ولا تحل لقطتها إلا لمن أشاد بها، ونقل ترابها ونحوه منها أو إليها، ونبش الكافر إذا دفن بها. وأن كلا من مسجد الرسول والمسجد الحرام يقوم مقام المسجد الأقصى لمن نذر الصلاة أو الاعتكاف فيه، ولو نذرهما بمسجد المدينة لم يجزه الأقصى وأجزاه المسجد الحرام بناء على زيادة المضاعفة، وإذا نذر المشي إلى بيت المقدس يخيّر بين المشي إليه أو إلى أحدهما، والذي رجّحوه ما اقتضاه كلام البغوي من عدم لزوم المشي في غير المسجد الحرام.

وإذا نذر تطييب مسجد المدينة والأقصى ففيه تردد لإمام الحرمين، واقتضى كلام الغزالي اختصاصه بالمسجدين لأنا إن نظرنا إلى التعظيم ألحقناهما بالكعبة أو إلى امتياز الكعبة


[ (١) ] التنطع: هو كل تعمّق قولا وفعلا. انظر النهاية ٥/ ٧٤.