بالفضل فلا. قال السيد: فينبغي الجزم في نذر تطييب القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام. ورحم الله الإمام مالك أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي المالكي الأعمى حيث قال:
هنا وكم يا أهل طيبة قد خفى ... فبالقرب من خير الورى خرتم السّبقا
فلا يتحرّك ساكن ثوى بربوعها ... إلى سواها وإنّ جار الزّمان ولو شقّا
فكم ملك رام الوصول لمثل ما ... وصلتم فلم يقدر ولو ملك الخلقا
فبشراكم نلتم عناية ربّكم ... فها أنتم في بحر عنايته غرقى
ترون رسول الله في كلّ ساعة ... ومن يره فهو السّعيد به حقّا
متى جئتم لا يغلق الباب دونكم ... وباب ذوي الإحسان لا يقبل الغلقا
فيسمع شكواكم ويكشف ضرّكم ... ولا يمنع الإحسان ضرّ ولا رقّا
بطيبة مثواكم وأكرم مرسل ... يلاحظكم فالدّهر يحري لكم وفقا
وكم نعمة لله فيها عليكم ... فشكرا ونعم الله بالشّكر تستبقى
أمنتم من الدّجّال فيها فحولها ... ملائكة يحمون من دونها الطّرقا
كذاك من الطّاعون أنتم بمأمن ... فوجه التّلالي لا يزال لكم طلقا
فلا تنظروا إلّا لوجه حبيبكم ... وإن حادت الدّنيا ومرّت فلا فرقا
حياة وموتا تحت رحماه أنتم ... وحشرا فستر الجاه فوقكم ملقى
فيا راحلا عنها لدنيا تريدها ... أتطلب ما يفنى وتترك ما يبقى؟
أتخرج عن حوز النّبيّ وحرزه ... إلى غيره تسفيه غيرك قد حقّا
لئن سرت من فيض المكارم عنده ... فأكرم من خير البريّة ما تلقى
هو الرّزق مقسوم فليس بزائد ... ولو سرت حتّى كدت تخترق الأفقا
فكم قاعد قد وسّع الله رزقه ... ومرتحل قد ضاق بين الورى رزقا
فعش في حمى خير الأنام ومت به ... إذا كنت في الدّارين تطلب أن ترقى
إذا قمت فيما بين قبر ومنبر ... بطيبة فاعرف أين خير لك الأرقى
لقد أسعد الرّحمن جار محمّد ... ومن حال في ترحاله فهو الأشقى
ومن أعظم ما نظم في ذلك وأعجبه قصيدة الإمام الولي العارف بالله أبي محمد عبد الله بن أبي عمر البشكريّ. قال العلامة بدر الدين فرحون أحد أصحاب ناظمها: إن بعض الصالحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، قال البدر: «وأشك هل كان الشيخ أو غيره؟ وأنشد هذه القصيدة، فلما بلغ آخرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضيناها رضيناها» . وخمّسها الإمام أبو عبد الله التونسي رحمه الله. وقد رأيت إيراد ذلك هنا: