للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن حيان [ (١) ] ، رحمه الله تعالى قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام:

جدّ في بني إسرائيل ولا تهزل واسمع وأطع يا بن الطاهرة البكر البتول، إنيّ خلقتك من غير فحل فجعلتك آية للعالمين، فأيايّ فاعبد وعليّ فتوكّل، فسر إلى أهل سورانّية، بلّغ [ (٢) ] من بين يديك أني أنا الله الحي القائم الذي لا يزول، صدّقوا النبيّ الأمّي العربي صاحب الجمل والمدرعة والعمامة، وهي التّاج، والنّعلين والهراوة وهي القضيب، الجعد الرّأس، الصلت الجبين، المقرون الحاجبين، الأكحل العينين، الأقنى الأنف، الواضح الخدّين، الكثّ اللحية، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، ريح المسك ينفح منه، كأن عنقه إبريق فضّة، وكأن الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ليس على صدره ولا على بطنه شعر غيره، شئن الكفّين والقدمين إذا جامع الناس غمرهم، وإذا مشى كأنما يتقلّع من الصّخر ويتحدّر في صبب ذو النّسل القليل.

«غمرهم» أي علاهم شرفاً. وقوله: «ذو النّسل القليل» أراد الذّكور من صلبه صلى الله عليه وسلّم.

وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قدم الجارود بن عبد الله فأسلم وقال: والذي بعثك بالحق لقد وجدت وصفك في الإنجيل، ولقد بشّر بك ابن البتول.

وسمّيت مريم بذلك من قولهم: امرأة بتول أي منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم.

وعن أبي موسى الأشعري [ (٣) ] رضي الله تعالى عنه قال: سمعت النّجاشيّ يقول: أشهد أن محمدا رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى، ولولا ما أنا فيه من أمر الملك وما تحملت من أمر الناس لأتيته حتى أحمل نعليه [ (٤) ] .

رواه أبو داود [ (٥) ] .

وروى الترمذي في الشمائل عن كعب رحمه الله تعالى قال: نجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة: محمد بن عبد الله يولد بمكّة ويهاجر إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، وليس بفحّاش ولا سخّاب في الأسواق ولا يكافئ بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، أمته الحمّادون


[ (١) ] مقاتل بن حيان بتحتانية البكري، مولاهم النّبطي أبو بسطام البلخي الخرّاز أوله معجمة ثم مهملة. عن مجاهد وعروة وسالم. وعنه إبراهيم بن أدهم وابن المبارك. وثقة ابن معين. الخلاصة ٣/ ٥٣.
[ (٢) ] في أ: فبلغ.
[ (٣) ] عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار، أبو موسى الأشعري صحابي مشهور، أمره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، مات سنة خمسين. وقيل بعدها. التقريب ١/ ٤٤١.
[ (٤) ] أخرجه أبو داود ٢/ ٢٣٠، كتاب الجنائز (٣٢٠٥) .
[ (٥) ] سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شدّاد الأزدي، السّجستاني، أبو داود، ثقة حافظ، مصنف السنن وغيرها، من كبار العلماء، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وسبعين. التقريب ١/ ٣٢١.