يحمدون الله في كل أمر ويكبرون الله على كل نجد، ويوضئون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم، يصفّون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويّهم في مساجدهم كدويّ النحل يسمع مناديهم في جوّ السماء.
النّجد: ما ارتفع من الأرض.
وروى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنّ موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهراً، فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد قال:
يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات، فاجعلها أمتي. قال:
تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعلمها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه بسيئة واحدة، فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد. قال:
يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، فيقتلون قرن الضلال المسيح الدّجّال فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين. قال: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ قال له قد رضيت»
[ (١) ] .
وروى ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال أوحى الله تعالى إلى يعقوب عليه الصلاة والسلام: أني أبعث من ذّرّيّتك ملوكاً وأنبياء حتّى أبعث النّبّي الحرميّ الذي تبني أمته هيكل بيت المقدس وهو خاتم الأنبياء واسمه أحمد.
وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أوحى الله تعالى إلى بعض أنبياء بني إسرائيل: اشتدّ غضبي عليكم من أجل ما ضيّعتم من أمري، فإنّي حلفت لا يأتيكم روح القدس حتى ابعث النبيّ الأميّ من أرض العرب الذي يأتيه روح القدس.
وروى أبو نعيم عن كعب رحمه الله تعالى قال: كان أبي من أعلم الناس بما أنزل الله على موسى، وكان لم يدخر عنّي شيئاً مما كان يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي:
يا بني إنك قد علمت إني لم أدّخر عنك شيئاً أعلمه إلا أني قد حبست عنك ورقتين فيهما
[ (١) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل ١/ ١٤، وذكره السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٢٤ وعزاه له.