للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى: «لو آمن في الزمان الماضي كالزمن الذي قبل قدوم النبي- صلى الله عليه وسلم- المدينة أو حال قدومه» . قال الحافظ: «والذي يظهر أنهم وهم الذين كانوا حينئذ رؤساء في يهود، ومن عداهم كان تبعا لهم، فلم يسلم منهم إلا القليل كعبد الله بن سلام، وكان من المشهورين بالرياسة في يهود بني قينقاع عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم. ومن بني النّضير: أبو ياسر- بتحتية وسين فراء مهملتين- ابن أخطب- بخاء معجمة فطاء مهملة فموحّدة- وأخوه حيي بن اخطب، وكعب بن الأشرف وأبو رافع سلام بن الربيع بن أبي الحقيق- بقافين مصغّر. ومن بني قينقاع: سعد بن حنيف، وفنحاص- بفاء مكسورة فنون ساكنة فحاء مهملة فألف فصاد مهملة- ورفاعة بن زيد [ابن التابوت] . ومن بني قريظة: الزبير- بفتح الزاي- ابن باطى بن وهب، وكعب بن أسد وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب وشمويل بن زيد، فهؤلاء لم يثبت أحد منهم، وكان كل منهم رئيسا في اليهود، لو أسلم لتبعه جماعة، فيحتمل أن يكونوا المراد.

وروى أبو نعيم في الدلائل من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «لو آمن بي الزّبير بن باطى وذووه من رؤساء لأسلموا كلهم» [ (١) ] . وأغرب السهيلي فقال: لم يسلم من أحبار اليهود إلّا اثنان: عبد الله بن سلام، وعبد الله بن صوري. قال الحافظ: كذا قال، ولم أر لعبد الله بن صوري إسلاما من طريق صحيحة، فإنما نسبه السهيلي في موضع آخر لتفسير النّقّاش.

قال ابن إسحاق: «ونصبت بعد ذلك أحبار يهود لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- العداوة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالى به العرب من اصطفاء رسوله منهم. وكانت أحبار يهود، هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنّتونه ويأتونه باللّبس ليلبسوا الحقّ بالباطل، وكان القرآن ينزل فيهم وفيما يسألون عنه، إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها» .

وذكر ابن إسحاق وغيره أسماء اليهود، ولا حاجة بي هنا إلى ذكرهم، بل من جاء ذكره في كتابي تكلمت عليه، وكانوا ثلاث قبائل: قينقاع- بفتح القاف وتثليث النون وبالعين المهملة، ويجوز صرفه على إرادة الحيّ وترك صرفه على إرادة القبيلة أو الطائفة- وهم الوسط من يهود المدينة. وإذا قلت: بنو قينقاع فالوجه الصّرف، وقريظة- بقاف مضمومة فظاء معجمة مشالة، وهو أخو النضير والوسط من يهود المدينة، والنّضير- بضاد معجمة ساقطة وزن كريم.

وحاربته الثلاثة، ونقضوا العهد الذي بينه وبينهم، فمنّ على بني قينقاع، وأجلى بني النضير، وقتل بني قريظة، وسبى ذريتهم، ونزلت سورة الحشر في بني النضير، وسورة الأحزاب في بني قريظة، وسيأتي بيان ذلك مفصّلا في المغازي إن شاء الله تعالى.


[ (١) ] انظر فتح الباري ٧/ ٢٧٥.