للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنيتكم» . فقالوا: «إنك تتلو أنّا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء» . فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:

«هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم» ،

وأنزل الله عز وجل: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. [لقمان ٢٧، ٢٨] ودلّ حديث ابن مسعود، وأثر عطاء إن الآية نزلت بمكة، وجمع بينهما وبين حديث ابن مسعود رضي الله عنه بتعدد النزول، ويحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك إن ساغ ذلك، وإلا فما في الصحيح أصحّ. وقال الشيخ رحمه الله تعالى في الإتقان: «إذا استوى الإسنادان في الصحة فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات» ، ثم ذكر [مثالا له] حديث ابن مسعود وحديث ابن عباس المذكورين. ثم قال:

«فهذا- أي حديث ابن عباس- يقتضي إن الآية نزلت بمكة، والحديث الأول خلافه» . وقد رجح أن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.

الثاني: قال أبو نعيم: «قيل من علامات نبوة سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- في الكتب المنزّلة أنه إذا سئل عن الروح فوّض العلم بحقيقتها إلى منشئها وبارئها، وأمسك عما خاضت فيه الفلاسفة وأهل المنطق القائلون بالحدس والتخمين، فامتحنه اليهود بالسؤال عنها ليقفوا منه على نعته المثبت عندهم في كتابهم، فوافق كتابه ما ثبت في كتبهم» .

الثالث: قال ابن التين: «اختلف في الروح المسؤول عنها في هذا الخبر على أقوال:

الأول: روح الإنسان، الثاني: روح الحيوان. الثالث: جبريل. الرابع: عيسى. الخامس: القرآن.

السادس: الوحي. السابع: ملك يقوم وحده صفا يوم القيامة. الثامن: ملك له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى [بتلك اللغات كلها] ويخلق الله سبحانه وتعالى من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة، وقيل: ملك رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند قائمة العرش. التاسع: خلق كخلق بني آدم يأكلون ويشربون، لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه ملك منهم. وقيل: هو صنف من الملائكة يأكلون ويشربون» . قال الحافظ: «وهذا إنما يجمع من كلام أهل التفسير في معنى لفظ «الروح» الوارد في القرآن لا خصوص هذه الآية، فمن الذي في القرآن: ١ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء ١٩٣] ، ٢ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا- إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى ٥٢] ، ٣ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ [غافر: ١٥] ، ٤ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة ٢٢] ، ٥ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا [النبأ ٣٨] ، ٦ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ [النحل ٢] ؟ فالأول: جبريل، والثاني: القرآن، والثالث: الوحي، والرابع: القوة، والخامس والسادس: محتمل لجبريل أو غيره، ووقع إطلاق الروح على عيسى.