للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشقّ على أصحابه بكثرة جيف الكفار أن يأمر بدفنهم فكان جرّهم إلى القليب أيسر عليهم، ووافق أن القليب حفره رجل من بني النار اسمه بدر، فكان فألا مقدما لهم كما أفاد ذلك الواقديّ.

السابع عشر: قال العلامة ابن مرزوق في شرح البردة: ومن الآيات ببدر الباقية ما كنت أسمعه من غير واحد من الحجّاج أنهم إذا اجتازوا بذلك الموضع يسمعون كهيئة طبل ملوك الوقت، ويرون أن ذلك لنصر أهل الإيمان، قال: وربما أنكرت ذلك، وربما تأوّلته بأن الموضع لعلّه صلب فيستجيب فيه حوافر الدواب، وكان يقال لي إنه وعس رمل غير صلب، وغالب ما يسير هناك الإبل، وأخفافها لا تصوّت في الأرض الصّلبة فكيف بالرّمال. قال: ثم لما من الله تعالى بالوصول إلى ذلك الموضع المشرف نزلت عن الرّاحلة أمشي، وبيدي عود طويل من شجر السّعدان المسمى بأمّ غيلان، وقد نسيت ذلك الخبر الذي كنت أسمعه، فما راعني وأنا أسير في الهاجرة إلا واحد من عبيد الأعراب الجمّالين يقول: أتسمعون الطّبل؟ فأخذني لمّا سمعت كلامه قشعريرة بيّنة، وتذكّرت ما كنت أخبرت به، وكان في الجوّ بعض ريح فسمعت صوت الطبل، وأنا دهش مما أصابني من الفرح أو الهيبة، أو ما الله أعلم به، فشككت وقلت:

لعل الريح سكنت في هذا الذي في يدي، وحدث مثل هذا الصوت، وأنا حريص على طلب التحقق بهذه الآية العظيمة، فألقيت العود من يدي، وجلست إلى الأرض أو وثبت قائما، أو فعلت جميع ذلك، فسمعت صوت الطبل سماعا محقّقا أو صوتا لا أشكّ أنه صوت طبل، وذلك من ناحية ونحن سائرون إلى مكة المشرّفة، ثم نزلنا ببدر فظللت أسمع ذلك الصوت يومي أجمع المرّة بعد المرة، قال: ولقد أخبرت أنّ ذلك الصوت لا يسمعه جميع الناس.

انتهى.

وقال الإمام المرجاني رحمه الله: وضربت طبلخانة النصر ببدر، فهي تضرب إلى يوم القيامة، ونقله السيد في تاريخه الكبير والصغير وأقرّه.

الثامن عشر: وقع في صحيح البخاري في كتاب فرض الخمس في حديث عبد الرحمن بن عوف في قتل أبي جهل، وكان اللذان قتلاه: معاذ ابن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، ووقع في المغازي، هما ابنا عفراء: معاذ ومعوّذ، قال الحافظ: عفراء: والدة معاذ واسم أبيه الحارث. وأما معاذ بن عمرو بن الجموح ليس اسم أمه عفراء، وإنما أطلق عليه تغليبا، ويحتمل أن تكون أم معوّذ أيضا تسمى عفراء، وأنه كان لمعوّذ أخ يسمى معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل، ظنه الرّاوي أخاه.

التاسع عشر: اختلف في قاتل أبي جهل، ففي صحيح البخاري في كتاب الخمس،