للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عبد الرحمن بن عوف أن معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ ابن عفراء قتلا أبا جهل، وفيه أيضاً عن أنس إن ابن مسعود انطلق لينظر أبا جهل فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد- بفتح الموحدة والراء المهملة- أي مات، أو صار في حال من مات، ولم يبق فيه سوى حركة المذبوح، وابنا عفراء هما معاذ ومعوّذ، بتشديد الواو.

وعند ابن إسحاق عن ابن عباس عن عمرو بن الجموح أنه ضرب أبا جهل ضربة أطنّت قدمه، ثم مرّ به معوّذ ابن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق، ثم مرّ بأبي جهل عبد الله بن مسعود وبه رمق فذكر ما سبق في القصة، واحتزّ رأسه.

قال في الفتح بعد ذكر حديث ابن عوف: عفراء: والدة معوّذ واسم أبيه الحارث وأما معاذ بن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء، وإنما أطلق عليه تغليبا، ويحتمل أن تكون أمّ معاذ أيضا تسمى عفراء، أو أنه كان لمعوّذ أخ يسمى معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنّه الراوي أخاه، وما رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث، لكنه يخالف حديث ابن عوف أنه رأى معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو شدّا عليه جميعا حتى طرحاه، وابن إسحاق يقول: إنّ ابن عفراء هو معوّذ، والذي في الصحيح معاذ وهما أخوان، فيحتمل أن يكون معاذ ابن عفراء شدّ عليه فتجتمع الأقوال كلّها، وإطلاق كونهما قتلاه يخالف في الظاهر حديث ابن مسعود أنه وجده وبه رمق، وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إيّاه بسيفيهما منزلة المقتول، حتى لم يبق إلا مثل حركة المذبوح، وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه.

وأما ما ذكره ابن عتبة وأبو الأسود عن عروة: إن ابن مسعود أنه وجد أبا جهل مصروعا بينه وبين المعركة غير كثير، متقنّعا في الحديد واضعا سيفه على فخذه، إلى آخر ما ذكر في القصة، فيحمل على أن ذلك وقع بعد أن خاطبه كما تقدم.

العشرون: أول رأس حمل في الإسلام رأس عدوّ الله أبي جهل، وحمل إليه رأس سفيان بن خالد الهذليّ، حمله عبد الله بن أنس كما سيأتي، وحمل إليه أيضا رأس كعب بن الأشرف كما سيأتي، ورأس أبي عزّة، ومرحب اليهوديّ كما رواه الإمام أحمد، ورأس العنسي الكذّاب كما ذكره بعضهم، وعصماء بنت مروان، ورفاعة بن قيس أو قيس بن رفاعة، وأول مسلم حمل رأسه عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه. وأما ما رواه أبو داود في مراسيله عن الزهري قال: لم يحمل.

الحادي والعشرون:

قوله صلى الله عليه وسلم لما سمع شعر قتيلة بنت النضر: لو بلغني شعرها قبل أن أقتله ما قتلته.

قال أبو عمر: ليس معنى هذا الندم، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقول ولا يفعل إلا حقّا، ولكن معناه لو شفعت عندي بهذا القول لقبلت شفاعتها.