للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني والعشرون: قول أبي الفتح: المشهور

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلا فله سلبه» [ (١) ] ،

إنما كان يوم حنين ... إلخ فيه نظر من وجوه: الأول: في صحيح مسلم حديث عوف بن مالك، وفيه: فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسّلب للقاتل ...

الحديث، وفيه أن ذلك كان في غزوة مؤتة، وهي قبل حنين.

الثالث والعشرون: وقع في تفسير البغويّ أن سعد بن أبي وقّاص قتل يوم بدر سعيد بن العاص بن أميّة، والصواب العاص بن سعيد بن العاص، وليس في قتلى بدر من المشركين من يقال له سعيد بن العاص، وسعيد بن العاص صحابيّ أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وولد عام الهجرة، وقتل عليّ أباه يوم بدر، وكان سعيد من أشراف بني أمية وفصائحهم وأجوادهم، وأحد من كتب المصاحف لعثمان، وولّاه على الكوفة، وغزا جرجان [ (٢) ] ، وطبرستان [ (٣) ] ، وافتتحهما ولزم بيته في الفتنة.

الرابع والعشرون: في فضل من شهد بدرا من المسلمين.

روى البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه، وكان من أهل بدر، قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدّون أهل بدر فيكم؟ قال: «من أفضل المسلمين، أو كلمة نحوها» ، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.

وروى الإمام أحمد بسند على شرط مسلم، عن جابر رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل النار رجل شهد بدرا والحديبية»

[ (٤) ] .

وروى الإمام أحمد وابن ماجة عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن جبريل أو ملكا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدّون من شهد بدرا فيكم؟ قال: خيارنا. قال: كذلك هم عندنا من الملائكة.

قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في جامع المسانيد: هكذا وقع في مسند أحمد، والظاهر أنه غلط من بعض الرواة، وإنما هو حديث رافع بن رفاعة الزرقي وليس برافع بن خديج، ويحتمل أن يكون ابن خديج سمعه أيضا من رسول الله صلى الله عليه وسلم [ (٥) ] .


[ (١) ] أخرجه البخاري ٨/ ٣٤ (٤٣٢١) ومسلم ٣/ ١٣٧٠ (٤١- ١٧٥١) .
[ (٢) ] (جرجان) بالضم، وآخره نون: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان وهي قطعتان: إحداهما المدينة والأخرى بكرآباد، وبينهما نهر كبير يحتمل جري السفن فيه، وبها الزيتون والنخل والجوز والرمّان وقصب السكر والأترج مراصد الاطلاع ١/ ٣٢٣.
[ (٣) ] (طبرستان) بفتح أوله، وثانية، وكسر الراء: بلاد واسعة ومدن كثيرة، يشملها هذا الاسم يغلب عليها الجبال، وهي تسمى بمازندران، وهي مجاورة لجيلان وديلمان، وهي من الرّيّ وقومس. [مراصد الاطلاع ٢/ ٨٧٨] .
[ (٤) ] أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٣٩٦ وذكره المتقي الهندي في الكنز (٣٣٨٩٤) وابن كثير في البداية والنهاية ٣/ ٣٢٩.
[ (٥) ] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٤/ ٣٨٥.