للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو داود وابن ماجة والطبراني بسند جيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلع الله تعالى علي أهل بدر فقال: «اعملوا ما شتم فقد غفرت لكم» [ (١) ] .

وروى الإمام أحمد عن حفصة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأرجو ألاّ يدخل النار- إن شاء الله- أحد شهد بدرا والحديبية» قالت: قلت: أليس الله تعالى يقول: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها؟ [مريم ٧١] قالت: فسمعته يقول: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا [ (٢) ] [مريم ٧٢]

وروى مسلم والترمذي، عن جابر رضي الله عنه أن عبدا لحاطب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا إليه، فقال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار، فقال: «كذبت، لا يدخلها، فإنه قد شهد بدرا والحديبية»

[ (٣) ]

وفي الصحيح عن علي رضي الله عنه في قصة كتاب حاطب: وأن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله، دعني أضرب عنقه، فقال صلى الله عليه وسلم: «أليس من أهل بدر؟ ولعل الله أطلعه على أهل بدر» فقال: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» أو قال: «فقد وجبت لكم الجنّة» ،

وسيأتي الحديث في غزوة الفتح [ (٤) ] .

روى الطبراني عن رافع بن خديج رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يوم بدر:

«والذي نفسي بيده لو أن مولودا ولد في فقه أربعين سنة من أهل الدّين يعمل بطاعة الله تعالى كلها، ويجتنب معاصي الله تعالى كلها، إلى أن يردّ إلى أرذل العمر أو يردّ إلى ألّا يعلم بعد علم شيئا، لم يبلغ أحدكم هذه الليلة»

رجاله ثقات إلا جعفر بن مقلاص فإنه غير معروف [ (٥) ] .

وروى البخاري [ (٦) ] عن أنس رضي الله عنه قال: أصيب حارثة بن زيد ببدر، فجاءت أمّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة منّي، فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب. وإن تكن الأخرى فترى ما أصنع؟ فقال: «ويحك، أو هبلت أو جنّة واحدة هي؟! إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس» ،

وجاء في رواية البخاري عن أنس أن حارثة كان في النّظّارة، وفيه: أنّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى. وفي هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر، فإن هذا لم يكن في بحبحة القتال ولا في حومة الوغى، بل كان من النّظّارة من بعيد، وإنما أصابه سهم غرب وهو يشرب من الحوض، ومع هذا أصاب بهذا الموقف جنة الفردوس التي هي


[ (١) ] أخرجه أبو داود (٤٦٥٥) .
[ (٢) ] أخرجه ابن ماجة ٢/ ١٤٣١ (٤٢٨١) وأحمد في المسند ٦/ ٢٨٥ وذكره الهيثمي في المجمع ٦/ ١٠٧ وابن كثير في البداية والنهاية ٣/ ٣٢٩.
[ (٣) ] أخرجه مسلم ٤/ ١٩٤٢ (١٦٢- ٢١٩٥) والترمذي (٣٨٦٤) .
[ (٤) ] أخرجه البخاري ٥/ ٩٩ (دار الفكر) والبيهقي في الدلائل ٣/ ١٥٢.
[ (٥) ] أخرجه الطبراني في الكبير ٤/ ٣٣٩.
[ (٦) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٣٩٨٢) .