تعالى عليكم أهل بيت، مقام أمّكم خير من مقام فلان وفلان، ومقام زوج أمك غزيّة بن عمرو خير من مقام فلان وفلان، رحمكم الله أهل بيت» .
قالت أمّ عمارة:«ادع الله تعالى أن نرافقك في الجنة» ، قال:«اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة» .
قالت:«ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا» .
قال البلاذريّ: شهدت نسيبة يوم أحد وزوجها وابناها، وخرجت معها بشنّ لها تسقي الجرحى، فقاتلت وجرحت اثني عشر رجلا بسيف ورمي، وكانت أول النهار تسقي المسلمين، والدّولة لهم، ثم قاتلت حين كرّ المشركون، وقاتلت يوم اليمامة فقطعت يدها وهي تريد مسيلمة الكذاب لتقتله. قالت:«ما كانت لي ناهية حتى رأيت الخبيث مقتولا وإذا ابني عبد الله بن زيد يمسح سيفه بثيابه، فقلت: أقتلته؟ قال: نعم، فسجدت لله شكرا» .
وروى ابن سعد عن موسى بن ضمرة بن سعيد عن أبيه قال: أتى عمر بن الخطاب بمروط وفيها مرط جيّد واسع، فقال بعضهم: لو أرسلت به إلى زوجة عبد الله بن عمر صفية بنت أبي عبيد. فقال:«ابعثوا به إلى من هو أحق به منها، إلى أمّ عمارة نسيبة بنت كعب،
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما التفتّ يمينا ولا شمالا يوم أحد إلا رأيتها تقاتل دوني» [ (١) ] .
وانحاز صلى الله عليه وسلم إلى الجبل لينظر أمر الناس، وليعرفه أصحابه، فيقصدوه، فأدركه المشركون يريدون ما الله تعالى حائل بينه وبينهم، فدثّه جماعة بالحجارة حتى وقع لشقّه.
وروى النسائي والبيهقي بسند جيد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار، وطلحة بن عبيد الله، وهو يصعد في الجبل، فلحقهم المشركون، فقال:«ألا أحد لهؤلاء؟» فقال طلحة:
أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كما أنت يا طلحة» ، فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله. فقاتل عنه، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه من أصحابه، ثم قتل الأنصاريّ، فلحقوه فقال:«ألا رجل لهؤلاء؟» فقال طلحة مثل قوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله، فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله، فقاتل وأصحابه يصعدون في الجبل، ثم قتل الأنصاريّ، فلحقوه، فلم يزل يقول مثل قوله الأول، ويقول طلحة: أنا يا رسول الله فيحبسه، ويستأذنه رجل من الأنصار للقتال، فيأذن له، فيقاتل مثل من كان قبله حتى لم يبق معه إلا طلحة، فغشوهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من لهؤلاء يا طلحة؟» فقال: أنا، فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله، وأصيبت أنامله، فقال: حسّ، فقال: لو قلت: بسم الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون إليك حتى تلج بك في جوّ السماء.
[ (١) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات ٨/ ٣٠٣ وذكره المتقي الهندي في الكنز (٣٧٥٨٩) .